مصنع البطاريات بالقنيطرة “يغيّر قواعد اللعبة” لصالح المغرب

هيئة التحرير6 يونيو 2024آخر تحديث :
مصنع البطاريات بالقنيطرة “يغيّر قواعد اللعبة” لصالح المغرب

وصف محسن جازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، الاستثمار في قطاع التنقل المستدام بالمغرب، الذي وُقّعت بشأنه، اليوم الخميس، اتفاقية استثمارية ذات طابع استراتيجي لإحداث مصنع ضخم (GIGAFACTORY) لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، بكلفة استثمار إجمالي تبلغ 12,8 مليار درهم، بأنه “مؤشر ودليل واضح على تغيير قواعد اللعبة (game changer) لصالح تحقيق طموح المغرب كقُطب إقليمي رائد في المستقبل في مجال صناعة السيارات الكهربائية والتنقل المستدام”، معتبرا أن يوم التوقيع يؤشّر لـ”لحظة كبيرة في التاريخ الاقتصادي لبلادنا”.

وقال جازولي، خلال مائدة مستديرة نظمت إثر توقيع الاتفاقية مع وسائل الإعلام، حضرتها هسبريس، إن هذه “الوحدة الصناعية الضخمة من المنتظر أن تنطلق أشغال استغلالها بمنطقة صناعية جديدة ضواحي القنيطرة قصد إنتاج بطاريات للسيارات الكهربائية بحلول شهر يونيو 2026″، شارحاً أن أشغال التشييد من المقرَّر أنْ “تستغرق 24 شهراً (عامين)، بهدف “إحداث منظومة صناعية مندمِجة متكاملة لصناعة البطاريات الكهربائية، وملاءمة السيارات المنتَجة بالمغرب مع معايير الشركاء الاقتصاديين للمملكة بخصوص إزالة الكربون والصناعة النظيفة”.

الوزير الذي كان مرافقاً بالمدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، علي صديقي، وبمسؤولي وزارته في مجال مناخ الأعمال، أوضح أن “المرحلة الأولى من هذا المشروع تعتمد على إنتاج 20 جيغاواط ساعة، تضمَن طاقة تصديرية تبلغ 20 مليار درهم؛ وهو طُموح مشروع لبلادنا، مما سيسمح بإحداث 17 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر ومستحدَث، منها 2300 من ذوي المؤهلات العالية”. وزاد: “هو مشروع سيمكّن من عدم فقدام مناصب شغل كبيرة (200 ألف) تحرّكها دينامية قطاع السيارات (أول قطاع مصدّر) تماشياً مع التشريع الجديد للاتحاد الأوروبي (بحلول 2035) حول التنقل النظيف”.

وبنبرة فخر واعتزاز، تحدّث وزير الاستثمار في إجابته على أسئلة الإعلاميين بأن “التنافس كان قوياً ومسار التفاوض مع هذه المجموعة الصينية–الأوروبية استمر لمدة عاميْن، قبل أن يتم توقيع مذكرة تفاهم على هامش معرض جيتكس إفريقيا (النسخة الأولى ماي 2023 بمراكش)، ما أفضى إلى أن غوشن هاي تيك، الرائدة في قطاع البطاريات الكهربائية، والتي تعد مجموعة فولكس فاغن الألمانية أبرزَ المساهمين الرئيسيين فيها، تضع ثقتها في المغرب لإنشاء مصنعها وجلب هذه الاستثمارات الواعدة”.

وشرح المسؤول الحكومي أن محفزات كثيرة دفعت مسؤولي المجموعة للاقتناع بالوجهة المغربية لتوطين استثمارها؛ أهمها “الاستقرار السياسي ودينامية النمو الاقتصادي، فضلا عن ساكنة شابة مؤهَّلة (مهندسين وتقنيين…)، ثم بنيات تحتية متطورة في العقدين الأخيرين، إلى جانب إمكانية الاستفادة مما تتحيه اتفاقيات تبادل حر وقّعها المغرب مع دول أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط”، ليخلص إلى “راهنية تقوية فرص الولوج إلى سوق مهمة وتوفير قاعدة للتصدير”.

وقال: “الرؤية المغربية الحكيمة بقيادة جلالة الملك في مجال الطاقات المتجددة وتنافسية أسعار إنتاجها بالمغرب، جعلت المجموعة العالمية تحسم اختيارها لتحط الرحال بالقنيطرة”، مشيرا إلى أن اختيار الأخيرة “جاء نتيجة قربها من مراكز التكوين وأقطاب جامعية متخصصة بجهة الرباط”.

ميثاق الاستثمار

تفاعلاً مع سؤال لجريدة هسبريس الإلكترونية، ذكر الوزير جازولي أن “مشروع مصنع القنيطرة للبطاريات الكهربائية” سيكون متاحاً على مساحة هكتارات شاسعة لمنطقة صناعية جديدة موسّعة بإقليم القنيطرة”، مؤكداً أنه “مشروع مُنِح صفة الطابع الاستراتيجي، مستفيداً من من دعم في إطار نظام الدعم الخاص المطبق على المشاريع الاستثمارية ذات الطابع الاستراتيجي”.

وتابع شارحا بأنه “تمت مدارسة تفاصيل المشروع وتكاليفه وأبعاده الاستثمارية من حيث العوائد المالية وتأثيره على دينامية التشغيل في لجان خاصة بحضور قطاعات حكومية ومؤسسات رسمية في ضمانٍ كامل للالتقائية، قبل عرضه على اللجنة الوطنية للاستثمارات. وتم كل هذا بموازاة مفاوضات مباشرة مفتوحة مع مسؤولي المجموعة أفضت إلى اقتناعهم بجدوى المشروع بأهداف على المدى الطويل”.

ولفت إلى أن الدعم الذي تقدّمه الدولة يستحضر تحقيق “هدف ثلثيْ الاستثمار الخاص” بحلول سنة 2035، رغم أن هناك دولاً مجاورة اقتصادياتها تنافس المغرب وتعطي دعماً أكبر، إلا أنها لم تَحظ بمثل هذه الجيغافاكتوري الأولى من نوعها بمنطقة مينا”.

في سياق متصل، رفض وزير الاستثمار “الأحاديث المشكّكة” في أثر إيجابي للاستثمارات على خلق فرص الشغل وتقليل البطالة بالمغرب، مشددا على أن “سنتيْ 2023 و2022 سجلتَا وفق معطيات وزارته خلق 100 ألف منصب عمل بفضل مشاريع استثمارية رُوعِيَت فيها التقائية السياسات العمومية المركزية والترابية”، مذكرا بأن “ميثاق الاستثمار منذ مارس 2023 يوفر إطارا واضحا للمستثمرين، ولمناخ الأعمال الذي يتحسن باستمرار، ونحن في طريقنا لتحقيق الهدف الملكي حول تعاقد وطني للاستثمار يهدف إلى تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل بين 2022 و2026”.

وأشار إلى أن “وزارته تعمل على حل إشكالية توزيع الاستثمارات مجالياً”، مفيداً بأن الدورات الخمس للجنة الوطنية للاستثمارات صادقت على مشاريع في جهات المغرب الـ12، مع مراعاة تغطية نصف الأقاليم”، وتكليف وزارته مكتب دراسات متخصص في التشغيل لـ”تقييم أثر الاستثمارات حسب القيمة المضافة والقطاعات والجهات”.

تقنيات عالية الدقة

هذا المشروع الذي وصفه مسؤولو وزارة الاستثمار بـ”الطموح”، يراهن، ليس فقط، على إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بسعة 20 جيغاواط ساعة بقدرة تصديرية 20 مليار درهم، بل يضع نصب عينيه رفع سعة هذه البطاريات لتبلغ “GWh 100” في نهاية المطاف، بكلفة استثمارية إجمالية تقدر بـ 65 مليار درهم”، وهي المعطيات التي شرحها علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات “AMDIE”.

وعرّج صديقي، خلال اللقاء مع الإعلاميين، إلى أن “مشروع صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب يراعي آخر التطورات التقنية والمستجدات التكنولوجية باستعماله تكنولوجيا متقدمة وعالية الدقة (technologie de pointe) تجمع بين مواد أولية عديدة (الليثيوم، الحديد والفوسفاط ) بعضها يتم إنتاجُه محلياً”.

كما أفاد مدير الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات بأن “القنيطرة ستصير بفضل المهارات والمعارف والخبرات في صناعة السيارات قطباً رائدا، باستحضار مصنع ضخم لمجموعة عالمية حاضرة منذ سنوات”، مشيرا إلى أن “المجموعة المستثمِرة الصينية ستضمن برامج تكوين خاص لفائدة اليد العاملة المغربية، فضلا عن برامج من طرف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) تواكب هذا المشروع”.

الاخبار العاجلة