كرونولوجيا عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ومركز يحدد شروط طرد “البوليساريو”

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
كرونولوجيا عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ومركز يحدد شروط طرد “البوليساريو”

رصد المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات “المعارك” الدبلوماسية التي خاضها المغرب في السنوات السبع الأخير بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي (2017-2024)، بدأت بمحاصرة والتصدي لمناورات خصوم وحدته الترابية انتهاء عند طرد “البوليساريو”، الذي يعد رهانا أساسيا للمملكة.

وأكد المركز في تقدير موقف حول “انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو.. مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية” أن عودة المغرب إلى الحضن الإفريقي يعد قرارا استراتيجيا وحيويا، ساهم في إعطاء دفعة قوية وزخم جديد للدبلوماسية المغربية على مستوى آليات الترافع حول قضية الوحدة الترابية من داخل القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن هذه العودة؛ بالنظر إلى دلالاتها وخلفياتها، لاقت تجاوبا كبيرا من لدن حلفاء المغرب، وكذلك معارضة قوية من طرف المحور الموالي للجزائر داخل الرقعة الافريقية، كما أفرز مسار انضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، منذ العودة إلى اليوم، ظهور حالة من التقاطب الحاد بين المعسكرين؛ الأول الذي يقوده المغرب، والثاني الذي تقوده الجزائر.

ما قبل الانضمام.. عقيدة سياسية مغربية

ولفت التقرير إلى أن المغرب، طيلة مرحلة الانضمام (2017-2024)، “خاض عدة معارك تعكس الاشتباك الدبلوماسي، سيما وأن هناك تباينا بين مواقف منظمة الاتحاد الإفريقي ومواقف عدد كبير من أعضائها، إذ لا تعترف فـ34 دولة إفريقية لا تعترف بالبوليساريو”، مؤكدا أنه “لذلك من الطبيعي أن يراهن المغرب على طرد “البوليساريو” من المنظمة الإفريقية”.

تقدير موقف، الذي أعده محمد الزهراوي، رئيس لجنة الخبراء والباحثين بالمركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أكد أن قرار العودة للاتحاد الإفريقي جاء بـ”التناغم مع العقيدة السياسية الجديدة للمغرب على مستوى الرهانات الدبلوماسية تجاه القارة الإفريقية، وذلك من خلال تكثيف وتنويع العلاقات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والدينية مع مختلف دول إفريقيا، مشيرا إلى أن المغرب بعد إعلان نيته الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي غيّر 80 في المئة من المناصب الدبلوماسية بإفريقيا، وفتح خمس سفارات جديدة بتانزانيا ورواندا والموزمبيق وجزر موريس والبينين”.

وذكر بأن الملك قاد وأشرف شخصيا في تلك المرحلة على جميع التحركات والمبادرات الميدانية الرامية إلى عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية، مبرزا أن المغرب “أدرك أن هذا الأمر لن يتأتى إلا بمحاصرة والتصدي لمناورات خصوم وحدته الترابية، ومحاولة اختراق القلاع الموالية لأطروحة الانفصال؛ وذلك عبر نسج علاقات ثنائية في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية مع مختلف دول شرق وغرب ووسط إفريقيا..”، لافتا إلى أن “هذا التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية ظهر بشكل جلي في الزيارات الملكية في تلك الفترة  إلى رواندا وتنزانيا وإثيوبيا”.

ألغام الجزائر.. فشل ذريع لعرقلة المغرب

وخاض المغرب طيلة تسعة أشهر، منذ الإعلان عن رغبته في العودة إلى الأسرة الإفريقية في قمة كغالي في يوليوز 2016 والمصادقة على طلبه يوم 30 يناير 2017 خلال قمة أديس أبابا، “حربا دبلوماسية غير مسبوقة، دارت رحاها داخل أروقة الاتحاد الإفريقي وامتدت في بعض الأحيان إلى مناطق كانت محسوبة بالأمس القريب على المعاقل التقليدية للجزائر والبوليساريو”، يضيف التقرير.

وأوضح أن خصوم المغرب وظفوا في هذه الحرب كافة الوسائل لعرقلة عودته إلى أسرته المؤسسية، تنوعت بين إقحام المفوضية الإفريقية، والبيروقراطية المتفشية داخل هذه المنظمة القارية، واستغلال التعقيدات المسطرية المؤطرة لعمل الاتحاد، بالإضافة إلى محاولة فتح جبهات جديدة لخلط الأوراق، مثل التحركات الاستفزازية في الجنوب (كركرات) في محاولة لاصطياد رد فعل المملكة وتحركاتها للاحتجاج عليها دوليا وإقليميا.

وأضاف التقرير أن مناورات الجزائر “تنوعت ولم تتوقف حتى يوم الحسم؛ حيث قامت بزرع ألغام عدة في طريق عودة المغرب، كان آخرها بالتزامن مع قرب الإعلان عن حصول المغرب على عضويته خلال قمة الاتحاد الإفريقي 28 المنعقدة بأديس أبابا؛ حيث طلبت رفقة 12 دولة عضوا، تشمل كلا من جنوب إفريقيا ونيجيريا وكينيا وأنغولا، رأيا استشاريا من الهيئة القانونية للاتحاد الإفريقي لمعرفة ما إذا كانت هذه المنظمة القارية يمكن أن تقبل بلدا يحتل جزء من أرض دولة عضو”.

وشدد على أن المغرب اعتمد في معركة العودة على استراتيجية جديدة، كان الملك محمد السادس يقود غرفة عملياتها شخصيا، قوامها الانفتاح والبراغماتية بهدف اختراق مواقف بعض البلدان الإفريقية الموالية للبوليساريو، سواء من خلال الزيارات الملكية الميدانية إلى تلك الدول أو من خلال الشراكات والاتفاقيات النوعية الموقعة.

غياب 3 عقود.. إغلاق قوس الكرسي الفارغ

أغلق المغرب في 30 يناير 2017 قوس سياسة الكرسي الفارغ التي انتهجها طيلة ثلاثة عقود منذ انسحابه من هذه المنظمة الإفريقية سنة 1984، وبعودته إلى الأسرة المؤسسية شدد المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات على أن الرباط راهنت على “تحقيق مجموعة من المكاسب والرهانات الاستراتيجية التي تتوزع بين تقزيم دور البوليساريو ككيان له كامل العضوية في المرحلة الأولى في أفق طرده في المرحلة الثانية، والحؤول دون توظيف الجزائر للاتحاد الإفريقي في الصراع مع المغرب”.

وأكد المركز أن الانضمام للاتحاد الإفريقي وفق الشروط الحالية والسياقات المرتبطة بوجود كيان وهمي يحظى بدعم بعض الدول الإفريقية “يطرح إشكالات عديدة ومحاذير قانونية وسياسية سيحاول الخصوم، دون شك، توظيفها لتسييج المغرب وتضييق هامش تحركاته داخل الاتحاد، وجعله يقبل بالوضع القائم الذي يخدم أطروحة الانفصال”.

واستعرض التقرريرر المحاذير القانونية لهذه العودة في مقدمتها وجود بعض العيوب القانونية في النظام الأساسي للاتحاد الإفريقي، من بينها المادة الثانية التي تنص على الالتزام بالدفاع عن سيادة وسلامة الدول الأعضاء، بالإضافة إلى المادة الرابعة التي تنص على “احترام الحدود القائمة وقت الحصول على الاستقلال”، في حين أن المغرب لا يعترف بحدوده الشرقية مع الجزائر، بالإضافة إلى عدم وجود مادة تتحدث عن طرد عضو من الاتحاد، باستثناء المادة 30 التي تتحدث عن تعليق العضوية في حالة انقلابات عسكرية أو ما شابهها.

وذكر بأن المغرب “وجد نفسه مطوقا بنصوص قانونية و”ميثاق رمادي” -يعتبر دستور الاتحاد الافريقي- قد لا يسعف المملكة على الأقل على المدى المتوسط، مقابل “استراتيجية الجزائر القائمة على محاولة استغلال هذا الوضع من خلال تقديم قراءات وتأويلات خاطئة لهذه البنود الخاصة بالقانون التأسيسي للاتحاد”.

وبخصوص المحاذير السياسية، أبرز التقرريرر أنها تتعلق أساسا بالتعاطي مع واقع وجود كيان انفصالي يتمتع بكامل الصفة داخل الاتحاد الإفريقي، وكيفية التعامل مع الجوانب المرتبطة بتدبير ملف النزاع في هذه المنظمة القارية، خاصة وأن خصوم المغرب استثمروا غيابه لتوظيف وإقحام الاتحاد في النزاع حول الصحراء لصالح البوليساريو، ويظهر هذا الأمر جليا من خلال انحياز هذه المنظمة القارية على مستوى مقرراتها وتصريحات مسؤوليها السابقين لأطروحة الانفصال، وتبنيهم للمواقف والشعارات التي تعتبر أن قضية الصحراء “قضية احتلال”.

رهانات العودة.. لماذا لم تطرد “البوليساريو”؟

وعرّج تقدير موقف حول “انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو.. مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية”، على رهانات ما بعد عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، مشددا على أن “طرد “البوليساريو” يعد هدفا استراتيجيا بالنسبة للمغرب، محاولا اختراق جبهات جديدة في إفريقيا، وتحييد أو على الأقل تليين مواقف بعض الدول الموالية لأطروحة الانفصال”.

ولفهم وتفهم “تأخر” الدبلوماسية المغربية في طرد “البوليساريو” ونزع صفة “الدولة” عنها داخل الساحة الإفريقية، تساءل المصدر عينه “لماذا لم يتمكن المغرب من طرد “البوليساريو” رغم مرور ما يقارب سبع سنوات؟ هل الشروط الموضوعية والقانونية والجيوسياسية لم تنضح بعد؟ وما هي المفاتيح أو المداخل التي يمكن اعتمادها لتحقيق هذا الرهان؟”.

ويرى معد التقرير أن الدبلوماسية المغربية لا يمكنها تحقيق رهان طرد البوليساريو دون توفير الظروف والشروط اللازمة وتهيئة الأجواء المناسبة التي يمكن إجمالها في “نسج علاقات براغماتية مع الأصدقاء والخصوم، عبر توظيف المداخل الاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والدينية، وخلق جبهة إفريقية عريضة موالية للمغرب داخل هذه المنظمة، من خلال التنسيق والتشاور مع مختلف دول إفريقيا، ودعم الحلفاء في بعض المواقع الحيوية داخل الاتحاد الإفريقي، مع الحرص على الانتشار بشكل ذكي داخل بعض الأجهزة مثل البرلمان الإفريقي والجمعية العامة والمفوضية الإفريقية ومحكمة حقوق الإنسان.

إضافة إلى “إقناع الدول الإفريقية بضرورة العمل على تطوير هياكل المنظمة ومراجعة الترسانة القانونية المؤطرة لعملها، ثم إعداد ملف قانوني دقيق حول البوليساريو للدفع بعدم أهليتها بالعضوية، يتضمن ثلاث نقط أساسية، الأولى أن البوليساريو تطالب بتقرير المصير وغير معترف بها كدولة من طرف الأمم المتحدة، وهذا تناقض صارخ؛ إذ كيف لها أن تطالب بتقرير المصير وتدعي في الوقت نفسه أنها دولة، والثانية هي افتقار البوليساريو للمقومات السوسيولوجية للدولة المتعارف عليها، وهذا الأمر يتطلب وجود ثلاثة أركان أساسية: شعب وإقليم وسلطة سياسية، بالإضافة كذلك إلى عدم توفرها على المقومات القانونية، وهي الشخصية المعنوية والسيادة، والثالثة ترتبط بالتمثيلية؛ فالأمر يحتاج إلى نقاش مفتوح داخل هياكل الاتحاد، سيما وأن البوليساريو لا يحق لها ادعاء تمثيل الصحراويين؛ لأن هذا “الادعاء” فيه مغالطة كبيرة. فالجنوب المغربي تجرى فيه الانتخابات بشكل اعتيادي، وتعرف هذه المناطق أكبر نسبة مشاركة، وهناك صحراويون مغاربة منتخبون في كافة المجالس المحلية والوطنية.

ودعا المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، في سياق شروط طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي،  أيضا إلى تكثيف النقاش حول وضعية “البوليساريو” داخل منظمة الاتحاد الإفريقي، من قبل النخب السياسية والأكاديمية بالمغرب، وأيضا الشخصيات الدولية التي تتطرق وتهتم بهذا للموضوع، ومنهم كتاب وصحفيون ومسؤولون سابقون في حكوماتهم وشخصيات سياسية وعلمية، زيادة على استثمار الزخم السياسي والدبلوماسي الذي حققه المغرب منذ سنة 2007 ورسخه بشكل ملفت بعد سنة 2016، خصوصا إقرار عدد من الدول بمغربية الصحراء، وافتتاح قنصليات عامة لدول أخرى بالأقاليم الجنوبية، وكذا سحب عدة دول اعترافها ب”البوليساريو” ، وهي أمور كفيلة بتفعيل السبل القانونية لطرد هذا الكيان من منظمة الاتحاد الإفريقي.

وطالب أيضا بتسليط الضوء على ما تشكله “البوليساريو” من تهديد للأمن الإقليمي لدول شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء، وعلى ما ثبت في تعاملها مع جماعات إرهابية وإيوائها لأفراد هذه الجماعات. والأعمال العدائية اتجاه المغرب، آخرها هجوم السمارة.

الاخبار العاجلة