ولاية فلوريدا تجذب سياح العالم بالشمس المشرقة طوال العام

هيئة التحرير18 أبريل 2024آخر تحديث :
ولاية فلوريدا تجذب سياح العالم بالشمس المشرقة طوال العام

ترتبط صورة ولاية فلوريدا الأمريكية في أذهان السياح بكونها الواجهة السياحية العالمية التي تشتهر بالشمس المشرقة طوال العام والشواطئ الرملية الناعمة الممتدة والمتنزهات الرائعة.

وتجتذب ولاية فلوريدا الواقعة جنوب شرقي الولايات المتحدة الأمريكية السياح من جميع أنحاء العالم بفضل الصيف الأبدي في ميامي، مع ساحل الخليج الرائع في منطقة ساراسوتا، بالإضافة إلى متنزهات “والت ديزني وورلد” و”سي وورلد” واستوديوهات “يونيفرسال ستوديوز” في أورلاندو.

منطقة “بانهاندل”

إلى جانب كل هذه المقاصد السياحية الشهيرة يمكن للزوار الاستمتاع بزيارة منطقة “بانهاندل”، التي تقع شمال ولاية “الشمس المشرقة” على الحدود مع ولاية جورجيا وولاية ألاباما. ومن خلال هذه الزيارة يتعرف السياح على رؤى مثيرة حول تاريخ الولاية الحافل بالأحداث.

ويمكن إزالة اللبس حول التسمية الغريبة “بانهاندل” لهذه المنطقة من خلال النظر إلى الخريطة؛ إذ إنها تمتد باتجاه الغرب مثل المقبض النحيف للمقلاة بين ساحل الخليج والولايات المجاورة. وللحفاظ على شكل الاستعارة اللغوية فإن بقية ولاية فلوريدا تمثل شكل المقلاة.

وتعتبر الجولات البرية أفضل وسيلة لاستكشاف منطقة “بانهاندل”. وتبدأ مثل هذه الجولات من سانت أوغسطين على ساحل المحيط الأطلنطي، التي لا تعد جزءا من “بانهاندل”، وتنتهي في مدينة بينساكولا على خليج المكسيك. وتمتد هذه الجولة لمسافة 400 ميل/650 كلم. ومن الأفضل الانطلاق في هذه الجولة على متن السيارات أو الدراجات النارية بسبب المسافة الطويلة، كما أن جولات الدراجات الهوائية تستلزم لياقة بدنية عالية مع تحمل مشكلات البعوض.

بصمات الإسبان

تبدأ الجولة من مدينة سانت أوغسطين، التي تعتبر أقدم مدينة مأهولة بالسكان في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1565. وتبدو خصائص هذه المدينة مألوفة بالنسبة للسياح الأوروبيين؛ حيث ترك الإسبان بصماتهم هنا بوضوح، فعندما هبط الغزاة لأول مرة في سانت أوغسطين قاموا ببناء مستوطنة وشيدوا التحصينات الأولى المعروفة باسم “كاستيلو دي سان ماركوس”، التي تعتبر من النصب التذكارية الوطنية حاليا.

وهناك قطار صغير يجوب مدينة سانت أوغسطين ويتيح للسياح فرصة التعرف على أهم المعالم السياحية وسماع قصص صغيرة حول تاريخ نشأتها. وبطبيعة الحالة يمكن للسياح الاستجمام على الشاطئ على المحيط الأطلنطي مباشرة.

ولقد تأسست في هذه المنطقة مستعمرة “لا فلوريدا”، التي تمت تسميتها على اسم مهرجان الزهور “باسكو فلوريدا”، وهو الاسم الذي يطلقه الإسبان على عيد الفصح؛ لأنهم وصلوا إلى هذه المنطقة يوم عيد الفصح.

وسرعان ما تطورت هذه المنطقة وأصبحت منطقتين: شرق فلوريدا وغرب فلوريدا. وفي السابق كان يطلق على منطقة اللسان شرق فلوريدا، التي تعرف اليوم باسم فلوريدا وعاصمتها مدينة سانت أوغسطين؛ أما منطقة غرب فلوريدا فامتدت إلى نهر المسيسيبي، وامتدت بوضوح إلى الشمال عند الحدود الحالية للولاية. وكانت العاصمة بينساكولا، التي تأسست عام 1559، لكن سرعان ما دمرها إعصار، ولم تتم إعادة بنائها إلا عام 1689.

مناظر طبيعية خلابة

عندما تتجه الجولة البرية نحو الغرب انطلاقا من مدينة سانت أوغسطين سوف يشاهد السياح العديد من المناظر الطبيعية الخلابة، التي تضم المستنقعات والتماسيح والينابيع والمحميات الطبيعية والحدائق العامة. وقد شكلت التربة الخصبة والطقس الدافئ والأمطار المنتظمة عوامل جذب الأوروبيين للاستقرار في هذه المنطقة، وذلك لضمان الإمدادات الغذائية باستمرار.

وبعد قطع مسافة 200 ميل/320 كلم تصل الجولة البرية إلى مدينة تالاهاسي، التي أصبحت عاصمة ولاية فلوريدا عام 1824. وأوضحت المؤرخة راشيل باسان بورتر، من متحف “أولد ستيت كابيتول” المفتوح للزيارة مجانا أمام السياح: “كانت هذه المدينة تقع على مسافة واحدة تقريبا من المركزين: سانت أوغسطين وبينساكولا”.

وقد كانت الطبيعة الجغرافية في صالح المدينة، التي تشبه العاصمة إلى جانب بناء القبة الضخمة لمبنى الكابيتول؛ حيث تقع مدينة تالاهاسي على تل مرتفع. وأضافت المؤرخة راشيل باسان بورتر: “لقد كان ذلك مهما في ذلك الوقت، حتى تمكن رؤية المهاجمين مبكرا والدفاع عن المدينة”.

وقد كانت هذه المنطقة في الأصل مركزا للزراعة والتجارة، حيث كانت تتم زراعة القطن والتبغ في المناطق الداخلية، ولكن بعد ذلك جاءت الهيئات الحكومية والجامعات المختلفة، التي مازالت تعتبر جهات توظيف مهمة حتى اليوم.

ينابيع “واكولا”

رغم عدم وجود شواطئ في مدينة تالاهاسي إلا أنها تمتاز بالغطاء الأخضر؛ حيث يمكن للسياح مشاهدة التماسيح وخراف البحر وأبقار البحر وأشجار المانغروف والسلاحف، علاوة على أن ينابيع “واكولا”، التي تقع على مقربة من المدينة، تعتبر أكبر وأعمق ينابيع للمياه العذبة في العالم. وهنا يتمكن السياح من السباحة أو التنزه لمسافات طويلة سيرا على الأقدام أو الانطلاق في جولات بالقارب.

وتمتد الرحلة البرية لمسافة أخرى تبلغ 200 ميل من تالاهاسي حتى بينساكولا. لكن على طول الطرق السريعة والشوارع الصغيرة يشاهد السياح المناظر الطبيعية الخلابة.

مدينة “بينساكولا”

تبدو مدينة “بينساكولا” بصورة مختلفة عن مدينة سانت أوغسطين؛ إذ تبدو كأنها مدينة إسبانية بلمسة أمريكية. ورغم وجود الكثير من المظاهر الأمريكية في مدينة “بينساكولا” إلا أنها مازالت محافظة على التراث الإسباني بشكل مثير للإعجاب.

وعند زيارة منطقة إشبيلية التاريخية يمكن للسياح التعرف على ما كانت عليه الحياة في فلوريدا سابقا؛ حيث تشتمل هذه المنطقة على 28 منزلا قديما، ومنها 11 منزلا يمكن زيارتها والتعرف خصائص الحياة الصعبة خلال القرن التاسع عشر.

وأوضح المؤرخ روب أوفرتون أن الإمبراطوريات الكبرى في إسبانيا وبريطانيا وفرنسا وهولندا تقاتلت في ما بينها للسيطرة على هذه المنطقة. ومن جانبه أوضح المؤرخ روجر سميث، من كلية فلاجلر في سانت أوغسطين، قائلا: “تم نقل السكر من هذه المنطقة إلى جميع أنحاء العالم، وازدهرت تجارته، وهو ما جعل الكثير من الناس أغنياء”.

وسقطت فلوريدا في أيدي بريطانيا، ثم عادت إليها السيطرة الإسبانية مرة أخرى، وأخيرا تم بيعها للولايات المتحدة الأمريكية عام 1819. وفي تلك الفترة كانت هناك مدينتان كبيرتان؛ وهما سانت أوغسطين وبينساكولا. وأضاف المؤرخ روجر سميث: “أرادت كل مدينة أن تكون هي العاصمة، لكن كانت هناك عوامل تحول دون ذلك”.

وتظهر هنا الأسطورة، التي تضفي على هذه الجولة البرية المزيد من أجواء الإثارة؛ حيث انطلق الفرسان من بينساكولا وسانت أوغسطين، وفي المكان الذي التقوا فيه تم بناء العاصمة الجديدة، وقد حدث ذلك عام 1824، وتم تشييد مدينة تالاهاسي.

ورغم أن مدينتي بينساكولا وسانت أوغسطين تتمتعان بتاريخ استعماري طويل إلا أنهما تختلفان في نقطة واحدة؛ إذ تأسست مدينة بينساكولا أولا، ولكنها تدهورت بشدة لسنوات عديدة، على العكس من مدينة سانت أوغسطين، التي شهدت تطورا وازدهارا منذ تأسيسها عام 1565.

وعلى كل حال يمكن للسياح التعرف على الجوانب التاريخية الرائعة في كلتا المدينتين على طول الطرقات والشوارع، بالإضافة إلى تجربة حساء “فلوريدا القديمة”، وهو عبارة عن حساء مأكولات بحرية يعود إلى المهاجرين الإسبان.

علاوة على أنه يمكن قضاء عطلة على الشاطئ في كلتا المدينتين؛ حيث تتفاخر بينساكولا الواقعة على ساحل الخليج وسانت أوغسطين الواقعة على المحيط الأطلنطي بوجود العديد من الشواطئ الرملية البيضاء الناعمة، التي تمتد إلى عدة أميال في ولاية “الشمس المشرقة” دائما.

الاخبار العاجلة