نشطاء مغاربة يطالبون برد الاعتبار إلى اللغة الأمازيغية في الاجتماعات الرسمية

هيئة التحرير17 أبريل 2024آخر تحديث :
نشطاء مغاربة يطالبون برد الاعتبار إلى اللغة الأمازيغية في الاجتماعات الرسمية

أثارت مطالبة أحد أعضاء غرفة الصناعة التقليدية لجهة كلميم واد نون بالحديث باللغة العربية عوض اللغة الأمازيغية خلال انعقاد دورة الغرفة، الخميس، استياء نشطاء أمازيغ، إذ اعتبروا أن المجالس المنتخبة والهيئات المهنية “لا تحترم الدستور”، وأن “مثل هذه الممارسات تعيق إدماج الأمازيغية في مؤسسات الدولة”، وطالبوا بـ”تدخل الحكومة لرد الاعتبار لهذه اللغة الدستورية”.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لعضو غرفة الصناعة التقليدية، الراخي عبد الله، وهو يلقي مداخلة بلغته الأم قبل أن يطالبه أحد الأعضاء بالحديث بالعربية، لكنه أصر على مواصلة مداخلته بالأمازيغية.

وقال الراخي، في تصريح لهسبريس، إنها “ليست المرة الأولى التي يطلب فيها بعض أعضاء الغرفة الحديث باللغة العربية عوض اللغة الأمازيغية التي بوأها الدستور المغربي مرتبة متقدمة في سطور فصوله”.

وأضاف أن “الخطير في الأمر أنه رغم هذا المسار الطويل الذي قطعته الأمازيغية إلا أن البعض ما زال يُطالب بالحديث بغيرها في اجتماعات المجالس المنتخبة والهيئات المهنية، وبطرق عنيفة أحيانا”، معتبرا أن “أعضاء المجالس والغرف المهنية يُمثلون مواطنين ومهنيين بسطاء أغلبهم لا يتقنون اللغة العربية الفصحى، ومسؤوليتنا أن نرافع على قضاياهم وأن نشرح لهم البرامج الموجهة إليهم باللغة التي يفهمونها، وليس العكس”، ملوحا باللجوء إلى القضاء في حال لم يتم إدراج مداخلته في محضر دورة الغرفة الذي سيصدر بعد أيام.

ممارسات متكررة وتهميش للغة

تفاعلا مع الموضوع، قال عبد الله بوشطارت، باحث في الثقافة الأمازيغية، إن “هذه الممارسات تتكرر دائما في المجالس المنتخبة وداخل البرلمان ومؤسسات الدولة، وتؤكد بشكل ملموس وجود إكراهات مرتبطة بتنزيل الدستور وتفعيل مضامينه واحترامه”.

وأضاف بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه السلوكيات ناتجة عن تراكمات العقود الماضية التي ترسخت فيها سياسة التعريب وتهميش اللغة الأمازيغية وتركيز النظرة الدونية تجاهها كونها مجرد لغة البيت والشارع والمجتمع، وليست لغة المؤسسات ولغة الإدارة ولغة الدولة”.

ولفت إلى أن “هذه النظرة هي الخطيرة، إذ ترسخت في الأذهان، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن اللغة الأمازيغية لا يكفي ترسيمها في الدستور فقط، وإنما يحتاج الأمر أيضا إلى تمرين ديمقراطي وجهد سياسي لقبول الاختلاف واحترام التعدد اللغوي والثقافي والعمل على صيانته وتثمينه”.

وخلص الباحث ذاته إلى أن “تأخر الحكومة وترددها وعدم تملكها لرؤية واضحة لتنزيل مضامين القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي الأمازيغية، يساهم في بروز هذه السلوكيات المشينة التي تعيق إدماج الأمازيغية داخل المؤسسات والتواصل بها في مختلف المجالس المنتخبة محليا وجهويا ووطنيا”، مشددا على أن “من أجل تفادي تكرار هذه الممارسات، على الحكومة تحمل مسؤوليتها وتسريع تنزيل الدستور عموديا وأفقيا حتى تجد الأمازيغية مكانتها اللائقة داخل جميع مؤسسات الدولة”.

وعي تحرري وإرادة سياسية

من جانبه، أوضح علي وجيل، ناشط أمازيغي، أن “تقييم وضعية استعمال اللغة الأمازيغية من طرف المجالس المنتخبة والإدارات العمومية وشبه العمومية والخاصة، لا يمكن فهمه بمعزل عن وضع ومستوى منسوب الوعي التحرري لهويتنا من الاحتلال الهوياتي التي تعاني منه لدى المواطنين، بسبب تغلغل الإيديولوجية القومية العربية والإيديولوجية السلفية العربية في البنيات الفكرية التي استلبتها وحولت العديد منهم إلى أمازيغ السَّرْبيسْ وفي خدمة للهويات الوافدة”.

وأشار وجيل، في حديث مع هسبريس، إلى “الوضع القانوني الهش للغة الأمازيغية، دستورا وقانونا وممارسة، من طرف السلطة التنفيذية والتشريعية والمنتخبة جهويا وإقليميا ومحليا، الذي يتميز بالنكوصية والتراجع عن المكتسبات نهارا جهارا، لعدم مواكبة المكتسبات بإرادة سياسية حقيقية لدى الدولة من أجل مصالحة نفسها والشعب مع هوية الأمة الجماعية الحقة، ولعدم مواكبة هذه المكتسبات بقواعد قانونية آمرة وزجرية في حق كل متطاول وغير محترم لهويتنا الحقة”.

ولفت الناشط الأمازيغي ذاته إلى أن “رد الاعتبار للهوية الجماعية الحقة لأمتنا، بأرضها ولغتها وإنسانها ووحدتها الوطنية والترابية وثرواتها، يمر حتما عبر نشر الوعي التحرري لهويتنا من الاحتلال الذي تعاني منه، وانخراط المواطن الفعلي والقناعاتي في التواصل المكثف بلغته الأمازيغية في مختلف الأماكن التي يلجها، وعدم الاستسلام للإرهاب المجتمعي والاجتماعي المنظم الذي يمارس ضد الأمازيغ كلما تكلموا في الفضاءات العمومية والإدارات بلغتهم”.

وخلص وجيل إلى “ضرورة استحضار المواطن في اختياراته الانتخابية البعد الهوياتي الحق في تصويته على الأشخاص والأحزاب المتشبعة بثقافة النسبية والوطن أولا وغير المعادية استلابا وارتزاقا لهويته الحقه، وسن قوانين تشريعية رادعة، إن كانت هناك إرادة تشريعية، تفرض احترام المكتسبات، والحفاظ على التراكم محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا، وإقرار إجبارية محو الأمية في اللغة الأمازيغية لجميع المسؤولين عن تدبير قضايا ومشاكل وشؤون المواطنين”.

الاخبار العاجلة