مسلسل “أفاذار” يعالج غياب المساواة

هيئة التحرير17 أبريل 2024آخر تحديث :
مسلسل “أفاذار” يعالج غياب المساواة

تبثّ قناة الأمازيغية، خلال شهر رمضان، حلقات مسلسل “أفاذار/الصبّار” النّاطق بأمازيغية الرّيف، وهو مسلسل يتناول قصّة نابعة من واقع الحياة الاجتماعية التي عاشتها منطقة الرّيف في تسعينيات القرن الماضي، والموسومِ بسيادة تقاليد عُرفيّة تحصر الأنثى في زاوية ضيّقة تتمثل في أعمال المنزل ورعاية الأسرة بعيدًا عن سوق الشّغل.

العمل الدرامي المذكور من إخراج حميد زيان، وإنتاج عبد الرحيم هربال، وكتب سيناريوه الأخوان جمال أبرنوص وسعيد أبرنوص، وهو من تشخيص عدد من الوجوه الفنّية المعروفة، من قبيل: سعيد المرسي وشيماء علاوي وميمون زينون وسميرة المصلوحي وفتيحة بلخير ورشيد أمعطوك وبنعيسى المستيري وطارق الشامي ومحمد بنسعيد وعدنان رشدي ونجيم بلغربي ومحمد سلطانة وعلاء بنحدو ووفاء مراس ومروى لوندا وهيام لمسيسي وفهد بوتكنتار، إلى جانب أزيد من خمسين ممثّلًا ينحدرون من مناطق مختلفة من الرّيف.

ووفق الأرقام التي كشفت عنها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، في سياق تقييم مشاهدة قناة الأمازيغية خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، فقد سجل هذا المسلسل نسبة مشاهدات عالية من النسبة الإجمالية لمشاهدة القناة، التي بلغت 13 مليون مشاهدة خلال المدة المذكورة.

مجتمع ذكوري

يعالج مسلسل ‘أفاذار”، الذي وصل إلى حلقته التاسعة عشرة، قضيّة اجتماعية شائكة تتعلّقُ أساسًا بالبطالة والفقر والهشاشة، في سياق وضع اجتماعي متأزّم، يحرّم على الأنثى اقتحام سوق الشّغل لضمان استقرارها المادّي، وتوفير قوت يومها وبناء مستقبلها.

تحكي أحداث المسلسل قصّة لويزة، البالغة من العمر 25 سنة، وهي شابّة حاصلة على الإجازة في علم الاجتماع، لكنّها عاطلة عن العمل، تعيش رفقة أختها فتيحة ووالدها في إحدى قرى الريف، وقد أضحت تعرف تأخرا في سن الزواج بسبب تداعيات الوضع الاقتصادي الصعب الذي شهده المغرب في أعقاب برنامج التقويم الهيكلي المعروف. ولمواجهة هذا الواقع تحاول لويزة إقناع والدها بتأسيس تعاونية نسائية لتوفر لنفسها ولنساء القرية مورد رزق يقيهن شر الفاقة وذلّ انتظار الإعانات، غير أن والدها يرفض الفكرة، وتزداد الأمور تأزّما حينما تعود الأخت الكبرى (عيشة) إلى بيت أسرتها في أعقاب تعرضها للتعنيف على يد زوجها، قبل أن تقدم على الانتحار، بعد أن رفض والدها تقديم شكاية في الموضوع، وهو ما يشكّل نقطة تحوّل في أحداث المسلسل، حيث تقرّر لويزة مواجهة تعنّت والدها، والمضي قدما في طريق مشروعها التعاوني.

“البراكسيس” في الدراما

وفي تصريح لهسبريس، قال لجمال أبرنوص، مؤلّف قصة المسلسل وكاتب السّيناريو إلى جانب شقيقه سعيد أبرنوص، “يتعلق الأمرُ بمسلسل/ أطروحة يرى ضرورة تمكين المرأة من حقها في المشاركة في دورة الحياة الاقتصادية بالنظر إلى التحولات السوسيولوجية الجارية في المجتمع، وذلك بسلك طريق المقاومات الصغرى والإرادات الفردية، أي من خلال ما أعتبره شكلا من أشكال الترافع العملي الذي يمكن معاينة أثره المباشر في الواقع والميدان”.

وأضاف قائلًا: “وهذا يتجلّى فيما أقدمت عليه بطلة المسلسل، التي تقرر المشي عكس التيار الذكوري الغالب، وإنشاء تعاونية نسائية في قلب قرية محافظة. وعليه، فإن المسلسل يتناول موضوعا جديدا في ميدان الدراما التلفزية الأمازيغية، كما يقوم على تصور إخراجي متميز، ينطلق من خصوصية الفضاء وإيقاع الحياة القروية الريفية”.

وأوضح أبرنوص أن توسيع دائرة شخصيات المسلسل يرجع، أساسا، إلى أن “الأمر يتعلق بتعاونية نسائية تفرض من حيث سعي البطلة إلى تجميع نصابها (سبعة على الأقل)، حضورا نسويا ملائما”، مبرزًا أن الأمر “يتعلق، أيضا، بفضاء قروي ضيق لا تزال العلاقات والخصائص التقليدية تحكم أوصاله، مع ما يعنيه ذلك من تداخل العلاقات القرابية والإنسانية داخل عالمه، وما ينتج عن ذلك من ضرورات درامية على مستوى الحاجة إلى التكثير النسبي لعدد الشخصيات”.

وحول ما إن كانت الحلقات المنصرمة، التي بثّتها قناة الأمازيغية إلى حدّ الآن، قد نجحت في إبراز ملامح الرسالة العامة للمسلسل، قال أبرنوص: “أعتقد أن الحلقات المبثوثة لحد الآن تكشف بوضوح الخلفية العامة التي تحكم مضامين المسلسل، وتظهر مسار الصراع الجاري بين البطلة الشابة المعطلة والمجازة في علم الاجتماع، وبين رئيس الجماعة الحريص على إدامة عمر تَحَكُّمِه الانتخابوي في نساء القرية، اللواتي يعشن في وضعية هشة، وكذا بين ثقافة محافظة تكرس واقع الهيمنة الذكورية، وأخرى متوازنة تريد فتح الباب أمام المرأة من أجل التخلص من واقع الإقصاء والتبعية”.

وبخصوص المستوى الفني الذي كشف عنه العمل التّلفزي، أكّد المُتحدّث ذاته أن ما بُث من حلقات لحد الآن يخلف انطباعا جيدا جدا، ويظهر نجاح فريق العمل، إجمالا، في إنجاز المهمة المنوطة به، سواء تعلق الأمر بالإخراج وما يتصل به من المهام التقنية، أو بالتشخيص والأداء وغيرهما، مشيرًا إلى أن هناك بعض النقائص الفنية البسيطة هنا وهناك، لكنها لا تنقص شيئا من مستوى العمل، ولا من درجة الالتزام الواضح الذي أظهره كافة المسؤولين والعاملين بالمشروع منذ كان فكرة جنينية إلى حين خروجه بهذه الحلة اللائقة.

وفي سياق تصريحه، أبدى أبرنوص رأيه حول الدراما الريفية على مستوى المسلسلات تحديدا، قائلا: “من المؤكد أن التراكم الحاصل، على قلته من الزاوية الكمية، أفضى إلى حصول تطور ملموس في مستوى المسلسلات الريفية على كافة الأصعدة، ساهمت فيه الكثير من الطاقات والأيادي الصادقة، لاسيما تلك التي تملك وعيا ثقافيا وحقوقيا تقدميا، ورغبة حقيقية في تمكين الأمازيغية من حصتها المستحقة في سوق التعابير الفنية الجديدة”.

وختم تصريحه قائلًا: “أنا أظن أن من يتابع هذا المسلسل لا بد أن يتفاءل بمستقبل الدراما الريفية، خصوصا إذا تم رفع حصة الإنتاجات الدرامية المدعمة من قِبل الدولة لأنه الطريق الكفيل، في تقديري، بتمكين كافة المتدخلين في مجال الدراما الريفية من زيادة حدة التنافس الإيجابي، وبلوغهم جميعا مستوى الاحتراف، الذي سيوفر لهم إمكانية التفرغ للفن والإبداع”.

التزام متميز

قال عبد الرحيم هربال، منتج هذا العمل الدرامي، إن “مسلسل “أفاذار” يشكل إضافة نوعية بالنسبة للمسلسلات الأمازيغية بشكل عام، وتلك النّاطقة باللهجة الرّيفية بشكل خاص، بالنّظر إلى التيمة الأصيلة التي تطرقت إليها فكرة المسلسل، والمتمثّلة أساسًا في الصّراع الجدي والمتواصل من أجل إثبات الوجود في سياق اجتماعي معيّن”. وهذا، حسب تعبيره، “موضوع جديد غير مطروق من قبل بهذا المستوى من الوضوح والمعالجة”.

وعلى المستوى التّقني، قال هربال إن الشّركة المُكلّفة بإنتاج العمل بذلت مجهودات جبّارة، وواصلت الليل بالنّهار، ووفّرت جميع الإمكانات المطلوبة لإخراج هذا المسلسل إلى الوجود بالمستوى المطلوب، وهذا ما راعته في جميع مراحل التّصوير طيلة المُدّة التي استغرقت شهورًا من العمل الجادّ والمتواصل.

وأضاف “لأوّل مرة يأخذ منا تصوير عمل تلفزي هذا المجهود الكبير، نظرا لكون أحداث المسلسل متشابكة ودقيقة، وتجري على مستويات عديدة، وهذا ما تطلّب منا، على سبيل المثال، توظيف عدد أكبر من المُمثّلين فاق 60 مُمثّلًا وفدوا من مناطق الرّيف، الحسيمة والناظور والدريوش، من أجل تغطية جميع الأدوار في قصّة المسلسل، كما هي مُحدّدة في السيناريو على مستوى الجنس والعمر والسّمات والأوصاف وغيرها”.

والشّيء نفسه، يضيف هربال، تَطَلّبتْهُ تقنيات الدّيكور والملابس والصّوت وغيرها، باعتبار أن الإخراج يراعي ظرفية كلّ حدث بعينه، وكلّ شخصية كذلك، خلال عملية الإنتاج والتّصوير؛ فحينما تتعدّد الأحداث والشّخصيات يتطلّب الأمر بذل مجهودات كبيرة وإضافية في تصوير كل حدث أو شخصية بالمستوى المطلوب. ومسلسل “أفاذار” يمكن اعتباره، إن صحّ التعبير، مجموعة من القصص داخل قصّة واحدة جامعة، لذلك تعدّدت الأحداث والشّخصيات”.

وحول ما يميّز عمل “أفاذار” عن باقي الأعمال السّابقة التي قامت بإنتاجها شركة “يان بروديكسيون للإنتاج الفنّي”، قال هربال إنّ “الشركة تعاملت، في هذا العمل، لأوّل مرة مع المخرج حميد زيان، الذي أعطى لمسة جميلة لهذا المسلسل، كما تعاملت مع أكبر عدد من الممثلين مقارنة بباقي الأعمال التلفزية الأمازيغية الرّيفية بشكل عام، إلى درجة أنه في بعض المشاهد التي يتم تصويرها في يوم واحد، يتطلب الأمر حضور أزيد من ثلاثين ممثّلًا، مما خلق الكثير من الصّعوبات التي استطاع طاقم العمل تجاوزها، إضافة إلى الأماكن العديدة التي احتضنت تصوير مشاهد الفيلم، وعلى وجه الخصوص الأماكن التي تقع في البوادي، وهنا بالضّبط يتجلّى التميّز التقني في تصوير هذا العمل الدرامي”.

عوالم الشخصيات

كشفت حلقات المسلسل، التي بثت حتى الآن، عن حصول تطور ظاهر في أداء الممثلين، سواء ذوي الخبرة الذين أثبتوا علو كعبهم أو الوجوه الجديدة التي تشارك لأول مرة، والتي قدمت مستويات واعدة.

وعن تجربته الفنّية في هذا المسلسل، قال الممثّل سعيد المرسي: “بخصوص شخصية عمار، التي شخصتها في مسلسل، أعتبرها إضافة كيفية في مساري الفني، تنضاف إلى الأدوار النوعية التي أديتها. ورغم ما قد يبدو على هذه الشخصية، فإنها مركبة بامتياز ومتناقضة، وهذا تطلب مني مجهودا غير يسير حتى أستطيع إبراز طابعها المفارق؛ فعمار بالنسبة للبعض زيرُ نساء، لكنه قاسٍ ومنتهز للفرص، إذ باعتباره رئيس الجماعة فهو يمكن أن يسحق كل من سولت له نفسه الوقوف ضد مصلحته.”

وأضاف المرسي، متحدثا عن الظروف العامة التي أحاطت بتصوير العمل وإنتاجه، “يمكنُ اعتبار مسلسل “أفاذار” من أضخم الإنتاجات التلفزية لهذا الموسم، كما بوسعي القول إن المُنتج عبد الرحيم هربال لم يدخر أيّ جهد في سبيل إنجاح هذا العمل على المستوى الفنّي والتّقني واللّوجستيكي، باستقطاب هذا العدد الهائل من المُمثّلين”، مبرزًا في السّياق ذاته أنّ حميد زيان استطاع، بدوره، أن يبرز مستويات عالية في إخراج هذا المسلسل، الذي تجري أحداثه في منطقة ثيمويا أواخر التّسعينيات، في أجمل حلّة ممكنة”.

وتابع الممثل ذاته متحدثا عن شخصيات المسلسل: “استطاعَ كاتبا السيناريو جمال وسعيد أبرنوص نحت كل شخصية بسمات معيّنة تتميّز عن غيرها بدوافعها وهواجسها، فهي إما تتناقض عبر الصراع أو تنسجم عبر العشق والإشفاق. كما نقلا لنا بمعية المخرج القدير حميد زيان عالم البادية بكل بساطته وطيبوبته، لكن أيضا بمشاكله الخاصة مثل البطالة والحلم بالهجرة، سواء إلى المدينة (أفيلاج) أو الخارج. وعلى العموم، فإن المسلسل وجد له مكانًا في قلوب عشاق الدراما الريفية بمختلف حساسياتهم الفنية، حتى أن هناك من تماهى مع بعض الشخصيات”.

من جهتها قالت شيماء علاوي، بطلة “أفاذار”، عن مشاركتها في هذا العمل الدرامي: “كانت تجربةً مختلفة، حيث أديت شخصية لويزة بطلة قصّة المُسلسل؛ وهي شابة مُجازة في علم الاجتماع مفعمة بالحيوية وحب الآخرين، تجد نفسها بين مطرقة البطالة وسندان المجتمع الذكوري السائد في تسعينيات القرن الماضي، خصوصا في العالم القروي الذي تنتمي إليه، فتقرّر مواجهة الجميع من أجل أن تنخرط في سوق الشّغل وتؤمَن لنفسها مورد رزقها”.

وأضافت المُتحدّثة قائلةً: “حقيقة دوري في هذا المسلسل كان صعبا، واحتاج مني مجهودا وتركيزا كبيرين، حيث إن تركيبته بالغة التعقيد لكونِ هذا الدّور التّمثيلي جمعَ بين متناقضين: أحدهما أن هذه الشّخصية شابة قروية في التسعينيات، تتميّز بأوصاف نفسية نابعة من محيطها القروي، الذي تسود فيه الهيمنة الذّكورية، والآخر يتجلّى في عقليتها المتحرّرة نتيجة دراستها خارج القرية في فترة الدراسة الجامعية، وما اكتسبته من معارف وتجارب”.

وقد ساعدها ذلك، تضيف علاوي، على التّعامل مع محيطها، وبالتّالي تفادي الدخول في صراعات هي في غنى عنها، لمعرفتها وإيمانها بأن تكسير كل تلك الأعراف والتراكمات يحتاج ليونةً، من جهة، وصلابة وثباتًا على مواقفها من جهة أخرى.

وعبّرت الممثلة في ختام تصريحها عن سعادتها بالأهداف التي حققها المسلسل، والأصداء الطيّبة التي خلفها، وقالت: “هذا في حد ذاته يمثّل نجاحا لي كممثّلة، وللدراما الأمازيغية عمومًا”.

طارق الشّامي، فنان وممثل وأحد شخصيات مسلسل “أفاذار”، قال في تصريح لهسبريس: “كانت تجربة جديدة في مساري المهني في التمثيل، بتقمّص شخصية علي، عاشق فدوى الذي كان يراوده دائما حلم الهجرة إلى أوروبا لتأمين حياة أفضل بالعمل والحصول على قدر من المال، وبالتالي العودة إلى أرض الوطن للزواج وتكوين أسرة”.

وأكد الشامي أن مشاركته في هذا العمل تعد تجربة جديدة في مساره الفني لكون التيمة الأساس التي عالجها المسلسل بشكل عام، والتي كشفت عنها الأدوار المسندة إلى الشخصيات، وإحداها شخصية علي، نابعة من عمق الواقع الاجتماعي الذي يعيشه أغلب شباب منطقة الريف، الذين يحلمون بالهجرة إلى الفردوس الأوروبي بحثا عن فرص أفضل للعيش.

وأضاف قائلا: “كان لي أيضا شرف الاشتغال في إدارة المسلسل في الجانب المتعلق بالتمثيل، وقد أكسبتني هذه المشاركة رصيدا إضافيا في تجربتي الفنية، خاصة أن المسلسل يعد أحد أضخم الأعمال التلفزية، التي تم تصويرها إلى حد الآن في منطقة الريف، والتي استدعت مجهودات كثيرة لإخراج هذا العمل في أحلى حلة”.

من جانبه، قال الممثل عدنان رشدي: “مشاركتي في هذا المسلسل الرمضاني كانت دفعة كبيرة بالنسبة لمساري الفني لأن أحداثه تجري في منتصف التسعينيات من ماضينا الجميل، لاسيما أني كنت معجبا، دائما، بتلك الفترة التي كنتُ خلالها في بداية سنوات عمري”.

” في ضوء هذا الاعتبار، يضيف المتحدث، كان لزاما علي كمشخص أن أُلِمَّ بهذه الفترة التي لا أتذكرها جيدا بجميع تفاصيلها، وأن أدرس الشخصية التي تقمصتها من كافة الجوانب، وهو ما جعل رحلة البحث في عوالم هذا الدور، الذي شخصته، رحلة شيقة وممتعة”.

وبخصوص دوره في المسلسل، قال عدنان: “لعبت شخصية رشيد، المعلم المثقل بأفكار اليسار، ذي الشخصية المتذبذبة، الذي يميل إلى ما يرضي طموحاته ورغباته، وفق مقاربة براغماتية يؤمن بها. إنها شخصية غامضة ترتبط بعلاقة غرامية مع بطلة المسلسل لويزة، التي سرعان ما يستبدلها، ويقرر الزواج بمعلمة جديدة تظهر مع توالي الأحداث، ولكي يحقق هذا المبتغى ينقلب على أفكاره ومبادئه وقناعاته بخصوص المرأة العاملة والحركة النسوية”.

التلقي الأكاديمي

جمال الدّين الخضيري، ناقد أدبي مسرحي وأستاذ جامعي بالكلية متعدّدة التخصّصات بالنّاظور، قال في قراءة نقدية للمسلسل: “يحتفي العمل الدرامي الأمازيغي “أفاذار” بالأرض (منطقة الريف) احتفاء كبيرا، باعتبارها مكونا مركزيا يختزل كل القيم الأصيلة من خلال التركيز على خصوصيتها، ابتداء من طبيعتها الخلابة وخيراتها (نبات الصبار)، وفنها (صناعة الخزف)، وكل ما يرتبط بها من معتقدات واحتفالات وغناء”.

وأبرز الخضيري، في تصريح لهسبريس، أن المرأة تمثل معادلا موضوعيا للأرض، لذلك سعى المسلسل إلى إبراز قيمتها ودورها الفعال في المجتمع، فكان اللجوء إلى تأسيس تعاونية خاصة بالمرأة بمثابة التكتل في مؤسسة مدنية قصد الوقوف في وجه الحيف الذي لحقها من قبل سلطة أبوية ومجتمع رجولي.

وأبرز الأستاذ الجامعي ذاته أن المسلسل مليء بالصراع والتجاذبات بين سلطة سائدة متحكمة يمثلها رئيس الجماعة (عمار) ومن يدور في فلكه، والحريص على إبقاء الوضع كما هو، وبين سلطة ناعمة متمثّلة في التعاونية التي تتزعمها لويزة بمعية نساء أخريات يطمحن إلى تغيير الوضع والانعتاق، وبشكل مواز تتحرك داخل هذين المحورين الكبيرين مجموعة من التيمات الجانبية (الحب، الخيانة، الظلم، الشعوذة، العلم، الجهل، البطالة، الفقر، المرض، إلخ)، التي أضفت على المسلسل طابعا تشويقيا ودراميا.

“ثمة رؤية فنية ناضجة نلمسها من قِبل مخرج المسلسل، الذي راهن كثيرا على المناظر الطبيعية للمنطقة وأبعادها الأنثروبولوجية (الزي التقليدي، الوشم، الأثاث والأواني، المنزل الريفي القديم…). وعلى مستوى الموسيقى، سواء التصويرية أو التي تتخلل مشاهد المسلسل، اعتمد المسلسل في جزء كبير منها على ما هو محلي (إزران، وأغاني الفنان موذروس بشكل خاص)”، يتابع الخضيري، الذي ختمَ تصريحه قائلًا: “يمكن أن نخلص إلى أن المسلسل وثيقة صادقة عن حياة إنسان الريف وبيئته، وقد تضافرت جهود مجموعة من الممثلين الأكفاء والبارعين لتمثيلها بحرفية كبيرة”.

الاخبار العاجلة