الباطرونا” تضغط لتبني إجراءات ضريبية جديدة في مشروع “مالية 2025

هيئة التحرير11 يونيو 2024آخر تحديث :
الباطرونا” تضغط لتبني إجراءات ضريبية جديدة في مشروع “مالية 2025

كشفت معطيات جديدة عن ضغط فاعلين اقتصاديين، خصوصا المنضوين تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، من أجل تبني إجراء جبائي جديد يهم الضريبة على القيمة المضافة، في مساع لإدراجه ضمن مشروع قانون المالية 2025. يتعلق الأمر بإجراء يسمى “مجموعة الضريبة على القيمة المضافة” (GROUPE TVA)، تبنته فرنسا خلال السنة الماضية، وأظهر نجاعة على مستوى التحصيل والمردودية بالنسبة إلى الملزمين والإدارة الجبائية.

يتلخص مفهوم الإجراء الجبائي محط إشادة من قبل خبراء ماليين وضريبيين أيضا، في أنه بدلا من قيام كل شركة من الشركات التابعة لمجموعة اقتصادية بالتصريح الدوري بالضريبة على القيمة المضافة، تقوم شركة واحدة فقط من المجموعة بهذا لتصريح الجبائي مرة واحدة فقط، حيث ستحل هذه الشركة محل جميع تصريحات الشركات الأخرى في المجموعة، علما أن الشركة الأم (رأس المجموعة) هي التي تتول أساسا القيام بالتصريح الوحيد.

ورفعت الحكومة خلال فترة إعدادها لقانون المالية الحالية شعار إصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وذلك في سياق تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، التي ركزت على تحقيق حيادية هذه الضريبة بالنسبة للمقاولات لتفادي وضعية المصدم (Le butoir). ونجم عن الشروع في تنفيذ الإصلاح المذكور منح الإعفاء الكلي لبعض المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، التي أصبحت تخضع لسعر 14 في المائة أو 7 في المائة، والتخفيض التدريجي لسعر بعض المنتجات الأخرى إلى 10 في المائة، بدل 14 في المائة.

روابط مالية

يتحقق إجراء “مجموعة الضريبة على القيمة المضافة” بشرط الفوترة بدون ضريبة على القيمة المضافة بين الشركات التابعة للمجموعة الواحدة، باعتبار أن تطبيق هذه الضريبة بين شركات المجموعة لا معنى له من الناحية الاقتصادية، فيما يجب على أعضاء مجموعة الضريبة الالتزام بروابط على الأصعدة المالية والاقتصادية والتنظيمية لتشكيل المجموعة، إذ يجب أن تستمر هذه الروابط طوال فترة وجود المجموعة.

وبهذا الخصوص، عدد منير المستاري، خبير في القانون الضريبي والمالية العمومية، الروابط المفترضة، في المالية أساسا، من خلال حيازة مباشرة أو غير مباشرة لأكثر من 50 في المائة من رأس المال أو حقوق التصويت لشركة أخرى خاضعة للضريبة، وروابط اقتصادية، متمثلة في ممارسة نشاط رئيسي من النوع نفسه، أو أنشطة متداخلة أو مكملة أو تسعى إلى هدف اقتصادي مشترك، أو نشاط يتم تنفيذه كليا أو جزئيا لصالح الأعضاء الآخرين، موضحا أن هذه الروابط تمتد إلى ما هو تنظيمي، في شكل علاقة بين الخاضعين للضريبة بحكم القانون أو الواقع، مباشرة أو غير مباشرة، من خلال إدارة مشتركة أو تنظيم أنشطتهم بالكامل أو جزئيا بالتشاور.

وقال المستاري، في تصريح لهسبريس، إن اعتماد الإجراء الجبائي الجديد يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على الشركات، ما يساعدها على تحسين الأداء المالي والتشغيلي، من خلال تدبير أكثر كفاءة للضرائب والموارد، مشددا على أهمية توحيد التصريحات بالضريبة على القيمة المضافة في تحقيق المجموعة مستوى أعلى من الامتثال للقوانين الضريبية، ما يقلص من مخاطر الغرامات والعقوبات، وزيادة النجاعة على مستوى التحصيل، وتخفيض فاتورة الغش والتملص الضريبيين.

تحديات قائمة

رغم الفوائد العديدة التي يوفرها إجراء “مجموعة الضريبة على القيمة المضافة”، إلا أن هناك عيوبا وتحديات محتملة يجب على مصالح وزارة الاقتصاد والمالية النظر إليها بعناية قبل تبني هذا الإجراء في مشروعها المالي المقبل، إذ يتطلب تحقيق التوازن بين الفوائد والتكاليف تخطيطا دقيقا، وفهما واضحا للتعقيدات المرتبطة بالإجراء الجبائي المذكور، خصوصا أن الشركات تحتاج إلى التنسيق العالي وضمان الحفاظ على الروابط المالية والاقتصادية والتنظيمية طوال فترة وجود المجموعة، مما يزيد من الصعوبات التدبيرية في هذا الشأن.

وأوضح نبيل رفاعي، خبير محاسب متخصص في القوانين الجبائية، في تصريح لهسبريس، أن أهم التحديات أمام نجاح الإجراء الجبائي الجديد، يرتبط بقدرة المجموعة الأم، التي تكون عادة مسؤولة عن تقديم التصريح الموحد بالضريبة، على تحمل مسؤولية كبيرة عن أي أخطاء أو تأخير في التصريح، ما يمكن أن يؤثر على سمعتها وقد يحملها غرامات ثقيلة، مشيرا إلى تحد آخر مرتبط بصعوبة توحيد الأهداف الاقتصادية لجميع شركات المجموعة، خاصة إذا كانت لدى بعض هذه الشركات استراتيجيات أو أهداف مختلفة عن الأخرى.

وأكد رفاعي، في السياق ذاته، امتداد التحديات المرتبطة بالإجراء الجبائي إلى مواجهة الشركات الفرعية في المجموعة قيودا على استقلاليتها في اتخاذ القرارات المالية والإدارية بسبب الحاجة إلى الامتثال للقواعد المشتركة للمجموعة الأم، إضافة إلى تحدي التفكك، ذلك أنه في حال قررت الشركات إنهاء “مجموعة الضريبة على القيمة المضافة”، فإن عملية التفكيك يمكن أن تكون معقدة ومكلفة، ما يتطلب إعادة تنظيم العمليات الضريبية والمحاسبية لكل شركة على حدة، منبها إلى خطورة تفاوت الأداء المالي بين الشركات الأعضاء، حيث قد يؤدي إلى تعقيدات في تدبير الضرائب والمحاسبة، ويؤثر سلبا على الشركات الأقوى ماليا في المجموعة ذاتها.

يشار إلى أن إجراء “مجموعة الضريبة على القيمة المضافة” جرى اعتماده في فرنسا بغرض تقليص الأعباء الإدارية على الشركات وتحسين الكفاءة الاقتصادية بين الشركات المرتبطة، فيما تم تطوير الإطار القانوني والفكري لهذا الإجراء بداية على مستوى الاتحاد الأوروبي، حيث تم اعتماد توجيهات مختلفة صادرة عن الاتحاد سمحت للدول الأعضاء بتنفيذ الإجراء الجبائي المذكور، الذي انطلق العمل به من الحاجة إلى تبسيط وتوحيد إجراءات ضريبة بين الشركات المرتبطة ماليا واقتصاديا وتنظيميا داخل مجموعة واحدة، بما يحقق مفهوم التكامل الاقتصادي.

الاخبار العاجلة