الاستقرار العالمي لأسعار المواد الأساسية يسائل تطويق التضخم في المغرب

هيئة التحرير3 يونيو 2024آخر تحديث :
الاستقرار العالمي لأسعار المواد الأساسية يسائل تطويق التضخم في المغرب

رويدا رويدا يسير المغرب في اتجاه الحسم مع مسألة التضخم التي طغت على النقاش السياسي والعمومي خلال السنوات الماضية، خصوصا منذ سنة 2021، إذ بلغ التضخم مستويات قياسية وقتها بعد أن تخطى حاجز 6 في المائة، في الوقت الذي تكثف فيه مؤسسات عمومية تدابيرها لخفض هذا الرقم إلى الصفر.

ودخل البنك الإفريقي للتنمية بدوره على هذا الخط، مؤكدا أن المملكة ستعرف انكماشا في عجز المالية بما يصل إلى 4,4 من الناتج الإجمالي المحلي، مشيرا إلى أن نسبة التضخم ستعرف بدورها تراجعات مهمة خلال سنتي 2024 و2025، رابطا هذه الاستشرافات الاقتصادية التي عبر عنها ضمن تقرير له بتراجع أسعار المواد الأساسية في الأسواق الدولية، وهو ما أطلق ردودا متفاوتة من قبل خبراء اقتصاديين.

وتتقارب استشرافات البنك المذكور مع تقارير أخرى صادرة عن عدد من المؤسسات الوطنية والدولية الاقتصادية كذلك، التي بشرت في أوقات متفرقة باتجاه المغرب نحو خفض نسبة التضخم، ومنها توقع بنك المغرب استقرار معدل التضخم عند 2,2 في المائة خلال سنة 2024.

وكشف عزيز أخنوش عن توقعات حكومته بخصوص نسبة التضخم، إذ أفاد مؤخرا بأن المملكة استطاعت خفض التضخم من معدلات مرتفعة كانت مقلقة فيما سبق إلى مستويات متوسطة خلال الفترة الحالية التي وصل خلالها الرقم إلى 1,2 في المائة، وهو ما عززته تقارير المندوبية السامية للتخطيط التي رصدت بدورها استقرار مستوى التضخم.

زكرياء فيرانو، خبير اقتصادي أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “البنك الإفريقي التنمية ليس وحده الذي يؤكد التراجع المرتقب للتضخم في 2024 و2025، بل تؤكده تقارير المؤسسات الوطنية، بما فيها المندوبية السامية للتخطيط، التي تستشرف هذا التراجع بفعل تراجع أسعار المواد الأساسية على المستوى العالمي التي يقيسها مؤشر الفاو”.

وأضاف فيرانو، في تصريح لهسبريس، أن “هذه التوقعات يعززها تراجع أسعار المواد الطاقية على الصعيد الدولي، حيث تؤكد المنظمات البترولية العالمية أن الثمن في معدله السنوي لن يتجاوز حدود 85 دولارا، الأمر الذي يلفت إلى أننا لم نصل بعد إلى السقف الذي من الممكن أن يؤثر بالسلب”، مبرزا “وجود تحكم في الإشكاليات المتعلقة بالشؤون العالمية، بما فيها أزمة البحر الأحمر وتداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية، حيث يتضح أنها لم تخرج عن السيطرة إلى حدود الساعة”.

وأشاد الخبير الاقتصادي بـ”السياسة النقدية التي جرى اتباعها في الفترة السابقة من خلال الرفع من نسب الفائدة في نهاية 2022 وبداية 2023، بما ساهم في تراجع التضخم بنهاية 2023 وبداية السنة الجارية إلى حدود اليوم، إلى جانب الدور الواضح للسياسة المالية عبر دعم القطاعات”.

في المقابل، أكد رشيد ساري، محلل اقتصادي، “وجود مجموعة من التساؤلات حول ربط توقعات انخفاض منسوب التضخم بأسعار المواد الغذائية عبر العالم، حيث ما تزال عدد من الإكراهات تفرض نفسها، منها أزمة الشرق الأوسط والبحر الأحمر، حيث إن الأمور لم تخرج بعد من منطقة الخطر”.

ساري اعتبر ضمن الإفادة التي تقاسمها مع هسبريس أنه “من المرجح أن تتأثر أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي بمستويات الجفاف المسجلة، في وقت يظل فيه التضخم في المغرب منخفضا على المستوى العام، في حين على المستوى الجزئي، نجد أن التضخم الفلاحي ما يزال مرتفعا”، مسجلا أنه “في الشق الآخر، تظل أسعار المحروقات مستقرة وطنيا على الرغم من ارتفاعها عما سبق”.

واستطرد المتحدث بأن “الموضوع يجب أن يتم النظر إليه في شموليته، وليس حصره فقط في أسعار المواد الغذائية، إذ إن المغرب لا يستورد كثيرا المواد الفلاحية، عدا الحبوب”، معتبرا أن “القراءات التي يقدمها بنك المغرب في هذا الصدد تبقى الأكثر تناسبا مع الظرفية، لكونه يجمع بين القوة المالية والاقتصادية”، في حين إن “البنك الافريقي للتنمية لا يتوفر على دراية كبيرة بهذا الموضوع الذي يشهد اختلافا في الآراء والتقديرات”.

الاخبار العاجلة