نجحنا في تحقيق عدم تكرار ما جرى

هيئة التحرير26 سبتمبر 2024آخر تحديث :
نجحنا في تحقيق عدم تكرار ما جرى

أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، في لقاء بقصر الأمم بجنيف، الأربعاء، بمناسبة الذكرى 20 لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، أنه خلال هذه الفترة نجح المغرب في ضمان فعلية الوقاية من الانتهاكات الجسيمة وتحقيق عدم التكرار لما جرى خلال سنوات الجمر والرصاص.

بوعياش التي تحدثت في لقاء حول “العدالة والإصلاح والذاكرة في مسارات العدالة الانتقالية”، قالت إن المغرب يحتفي هذه السنة “بمسار أمة قررت، قبل عشرين سنة من الآن، بنظرة استشرافية، فتح صفحة الماضي والمصالحة معه بشكل تام والبناء عليه من أجل مستقبل أفضل”.

وأوردت أنه “قبل عشرين سنة من الآن قرر المغرب إطلاق تجربة فريدة وغير مسبوقة في سياقه الإقليمي، وواحدة من التجارب الرائدة على المستوى القاري الدولي، ليكون بذلك واحداً من الدول القليلة التي اتخذت قرارا طوعيا للنظر في الماضي والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإقرار بما خلفته من معاناة وجبر الأضرار وتعويض الضحايا وحفظ الذاكرة وتحقيق العدالة والالتزام بالإصلاح”.

وشددت بوعياش على أن هذا الإصلاح “لم يسع إلى تدارك الماضي والتحري بشأنه فحسب، بل أيضا لضمان مستقبل يحمي حقوق الإنسان ويضمن العدالة للجميع.. إصلاح من بين أبرز ركائزه التقائية إرادة الدولــة والمجتمـع لصون الكرامة والحرية”.

ولفتت المتحدثة إلى أنه “مخطئ من يعتقد أن هناك نموذجا واحدا أوحد لمفهوم العدالة الانتقالية… ليس هناك نموذج واحد يناسب الجميع، بل هي تجارب وممارسات متعددة، تحكمها سياقاتها ودينامية المجتمع والنتائج التي تتحقق بفضل مثل هذه المسارات”.

وأشارت إلى أن التجربة المغربية “تجربة رائدة لعبت دورا محوريا في توطيد ودعم إصلاحات أوسع، فضلا عن كونها شكلت رافعة حقيقية للحفاظ على السلام والاستقرار والدمقرطة والمساواة وتكريس دولة الحق والقانون”.

وأكدت أنه “فمن خلال التحقيق في انتهاكات الماضي والبحث فيما جرى وكيف جرى، نجحنا في ضمان فعلية الوقاية من الانتهاكات الجسيمة وتحقيق عدم التكرار، وهو واحد من الركائز والمفاهيم الرئيسية في أي مسار للعدالة الانتقالية، حيث إنه منذ ذلك الحين، لم يتم تسجيل أي حالات منهجية للتعذيب أو الاختفاء القسري أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة الأخرى. وذلك راجع بالأساس لتغير وتطور شكل وطريقة تدبير الحريات الأساسية في المغرب”.

وأفادت أن المغرب يشهد سنويا “ما يزيد عن 20 ألف احتجاج سلمي، لا تسجل بشأنها أية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مماثلة لانتهاكات الماضي. وعندما تقع أخطاء أو ادعاءات أو إشكالات في هذا التدبير، توفر إصلاحات دولة الحق والقانون ضمانات إعمال عادل للتعامل معها، وهو ما يوضح بشكل جلي تغير طريقة وشكل التعامل مع الحقوق والحريات بالمغرب”.

وأبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “حفظ الذاكرة الجماعية ورش جوهري وأساسي في مختلف مسارات العدالة الانتقالية، ذلك أنها لا تعيد الاعتبار للضحايا فحسب، بل تساهم في تعزيز قدرة المجتمع على الصمود. لقد قطعنا في المغرب أشواطا كبيرة في هذا الصدد، من أجل حفظ ذاكرة الماضي”.

ويتم ذلك، بحسب المتحدثة، “من خلال تهيئة أو إعادة تهيئة فضاءات الذاكرة المزمع افتتاحها أو إعادة افتتاحها في المستقبل القريب.. علاوة على غنى وتنوع الإصدارات والكتب التي تتناول الماضي وتحفظ ذاكرته، ومن بينها روايات ومحكيات وقصص وشهادات للضحايا أنفسهم، طبعت ووزعت بالمغرب، فضلا عن أرشيف العدالة الانتقالية، الذي قمنا بتجميعه ورقمنته… وفيها جميعا إقرار رمزي وصريح بما جرى وما خلفه ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان… إقرار يقف صامدا، مع كل هذا، في وجه النسيان”.

واعتبرت أن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب شكلت “دعامة أساسية لإصلاحات شاملة”، مذكرة في هذا السياق بأنه حين أعلن الملك عن إجراء إصلاح دستوري شامل سنة 2011، جعل توصيات العدالة الانتقالية واحدة من الركائز الأساسية لهذا الإصلاح، فضلا عن التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان.

لقد أضحت هذه الحقوق، وفق بوعياش، “بموجب نص الدستور، في صلب الحكامة المغربية، وأصبح الميثـاق الوطني لحقـوق الإنسـان، المضمَّن في الوثيقة الدستورية، بمثابة بوصلة يجب أن توجه مختلف الفاعلين، حكوميين وغير حكوميين، ضمن إطار وطني يربط بين المسؤولية والمساءلة والالتزام بالنص الأسمى”.

وأردفت أنه عند الحديث عن أثر العدالة الانتقالية بالمغرب، “فإننا نتحدث عن تحول واسع وبعيد المدى لا يرتبط فقط بقضايا العدالة الانتقالية بمفهومها الضيق. لقد أصبحت المقاربة الشاملة والتشاركية التي نهجها المغرب في مساره في مجال العدالة الانتقالية، والتي تجسدت في الإشراك الفعلي والفعال للمجتمع المدني والفاعلين المعنيين الرئيسيين، نموذجا لإصلاحات أوسع”.

ولفتت إلى أن “المقاربة ذاتها التي اعتمدنا عليها في مراجعة الدستور، وفي ورش الجهوية، وإصلاح مدونة الأسرة، في مناسبتين، والإصلاح الانتخابي لضمان انتخابات حرة ونزيهة، من خلال الملاحظة المستقلة، التي تقوم بها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، فضلا عن خلق مجال أكثر تكافؤا للمعارضة ودسترة أدوارها وحقوقها، وتعزيز التمثيلية السياسية للجميع”.

الاخبار العاجلة