من هو حسن نصر الله الذي لاحقته إسرائيل لسنوات لاغتياله؟

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
من هو حسن نصر الله الذي لاحقته إسرائيل لسنوات لاغتياله؟

أعلن الجيش الإسرائيلي رسميا، صباح السبت، تمكنه من “القضاء” على الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، في غارة جوية على العاصمة اللبنانية بيروت.

ففي وقت سابق من مساء الجمعة، شنت مقاتلات إسرائيلية من طراز “إف 35” غارات “عنيفة وغير مسبوقة” على هدف بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ”حزب الله”، محاولة استهداف نصر الله.

وقال الجيش، في بيان، إن “الغارة التي قضى خلالها على نصر الله” تمت بـ”توجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات والمؤسسة الأمنية على المقر المركزي لحزب الله الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في ضاحية بيروت الجنوبية”.

وأشار إلى الغارة “تمت في الوقت الذي تواجدت فيه قيادة حرب الله داخل المقر”، وأنها أسفرت عن “مقتل عدد آخر من قادة الحزب”، دون ذكر تفاصيل بالخصوص.

وتعتبر إسرائيل نصر الله الصيد الثمين بالنسبة لها، بسبب الدور الذي يلعبه في قيادة “حزب الله”، الذي يُعتبر من أكبر الأعداء العسكريين لها.

وسبق أن حاولت إسرائيل في عدة مناسبات اغتياله خلال النزاعات المسلحة، لكن هذه المحاولات لم تنجح.

فيما أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية نصر الله على “قائمة الإرهابيين الدوليين” عام 1995، وعرضت مكافأة مالية تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى تحديد مكانه أو اعتقاله.

فمن هو نصر الله؟

حسن نصر الله، ولد في 31 أغسطس 1960 في بلدة البازورية بقضاء صور جنوب لبنان.

تزوج من فاطمة ياسين ولهما خمسة أبناء: هادي، زينب، محمد جواد، محمد مهدي، ومحمد علي.

ابنه الأكبر، هادي، قُتل في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان عام 1997.

تلقى نصر الله تعليما دينيا في مراكز وحوزات شيعية في لبنان والعراق وإيران.

انضم إلى “حركة أمل” خلال دراسته الثانوية، وتدرج بالمناصب حتى أصبح عضوا في المكتب السياسي للحركة عام 1979.

في عام 1982، انسحب من حركة أمل مع عدد من المسؤولين إثر خلافات حول كيفية مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وانضم لـ”حزب الله” الذي تأسس في العام نفسه، وتولى مسؤولية تعبئة المقاومين في منطقة البقاع (شرق).

في عام 1985، انتقل إلى بيروت حيث تولى منصب نائب مسؤول المنطقة، ثم أصبح المسؤول التنفيذي العام المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى.

مواجهات دائمة مع إسرائيل

ويثني مؤيدو نصر الله على وقوفه في وجه إسرائيل وتحديه للولايات المتحدة. أما في نظر خصومه، فهو زعيم منظمة إرهابية وأحد الوكلاء الذين يستخدمهم النظام الشيعي الإيراني في صراعه على النفوذ في الشرق الأوسط.

وتجلى نفوذه الإقليمي منذ تفجر صراع أوقدت شرارته الحرب على غزة قبل ما يقرب من عام، إذ دخل حزب الله على خط المعركة بإطلاق النار على إسرائيل من جنوب لبنان “إسنادا” لحليفته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وحذت حذوه جماعات يمنية وعراقية ضمن “محور المقاومة”.

وقال نصر الله في خطاب ألقاه في الأول من أغسطس آب خلال جنازة القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت “إننا أمام معركة كبرى”.

غير أنه عندما أصيب الآلاف وقتل العشرات من أعضاء حزب الله نتيجة انفجار أجهزة اتصالات في هجوم إسرائيلي على ما يبدو الأسبوع الماضي، بدأت دفة المعركة تتحول ضد الجماعة.

وفي رده على الهجمات التي استهدفت أجهزة الاتصالات، تعهد نصر الله في كلمة ألقاها في التاسع عشر من سبتمبر أيلول بمعاقبة من إسرائيل.

وقال “هذا ‏حساب سيأتي، طبيعته وحجمه وكيف وأين؟ هذا بالتأكيد ما سنحتفظ به لأنفسنا وفي ‏أضيق دائرة حتى في أنفسنا”.

ولم يوجه أية كلمات منذ ذلك الحين.

في غضون ذلك، صعدت إسرائيل حدة هجماتها بشكل كبير، إذ قتلت عددا من كبار قادة حزب الله في ضربات موجهة، ومضت في قصف مكثف لمناطق تسيطر عليها الجماعة في لبنان، مما أسفر عن مقتل المئات.

وحتى خصومه يقرون بأنه خطيب مفوه يتمتع بكاريزما ويتابع خطبه الأصدقاء والأعداء على حد سواء.

يعتمر نصر الله عمامة سوداء ليشير إلى أنه من نسل النبي محمد، ويستخدم خطاباته لحشد قواعد حزب الله، وأيضا لإطلاق تهديدات محسوبة بعناية، وكثيرا ما يلوح بإصبعه وهو يطلق هذه التهديدات.

صار نصر الله أمينا عاما لحزب الله في 1992 بينما كان في الخامسة والثلاثين فقط، وأصبح الرمز المعروف للجماعة التي كانت يوما كيانا غامضا أسسه الحرس الثوري الإيراني في 1982 لمحاربة قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وقتلت إسرائيل سلفه السيد عباس الموسوي في هجوم بطائرة هليكوبتر. وكان نصر الله زعيما للجماعة عندما نجح مقاتلوها في نهاية المطاف في إخراج القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، وهو ما أنهى احتلالا استمر 18 عاما.\

 “النصر الإلهي”

لقد شكل الصراع مع إسرائيل إلى حد كبير زعامته. فقد أعلن “النصر الإلهي” في عام 2006 بعد أن خاض حزب الله حربا استمرت 34 يوما مع إسرائيل، وفاز باحترام العديد من المواطنين العرب الذين شبوا وهم يرون إسرائيل تلحق الهزيمة بجيوش عربية.

لكنه أصبح شخصية مثيرة للانقسام بشكل متزايد في لبنان والعالم العربي مع اتساع منطقة عمليات حزب الله لتمتد إلى سوريا وخارجها، مما يعكس الصراع المتصاعد بين إيران الشيعية والدول العربية السنية المتحالفة مع الولايات المتحدة في الخليج.

بينما صور نصر الله مشاركة الجماعة في سوريا -حيث قاتلت لدعم الرئيس بشار الأسد خلال الحرب الأهلية- على أنها حملة ضد الجهاديين، اتهم منتقدون الجماعة بأنها أصبحت جزءا من صراع طائفي إقليمي.

وفي الداخل، قال منتقدو نصر الله إن مغامرات حزب الله الإقليمية كبدت لبنان ثمنا باهظا، مما دفع دول الخليج العربية التي كانت صديقة للبنان ذات يوم إلى تجنب البلاد، وهو عامل ساهم في انهيارها المالي في عام 2019.

في السنوات التي أعقبت حرب 2006، سار نصر الله على حبل مشدود فيما يتعلق بدخول صراع جديد مع إسرائيل، فقام بتخزين الصواريخ الإيرانية لتشكيل “توازن الرعب” الرادع في صراع مدروس بعناية بين التهديد والتهديد المضاد.

وأدت حرب غزة، التي أشعلها هجوم شنه مسلحو حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، إلى اندلاع أسوأ صراع لحزب الله مع إسرائيل منذ 2006، الأمر الذي كبد الجماعة خسائر فادحة في صفوفها بما في ذلك قادة كبار.

وبعد سنوات من المواجهات مع أطراف أخرى، عاد حزب الله للتركيز في صراعه التاريخي مع إسرائيل.

وقال نصر الله في كلمته في الأول من أغسطس آب “نحن ندفع ثمن إسنادنا لجبهة غزة وللشعب الفلسطيني وتبنينا القضية الفلسطينية وحماية المقدسات”.

نشأ نصر الله في حي الكرنتينا الفقير في بيروت. وتنحدر عائلته من البازورية، وهي قرية في جنوب لبنان ذي الأغلبية الشيعية الذي يشكل اليوم المعقل السياسي لحزب الله.

وينتمي نصر الله إلى جيل من الشبان الشيعة اللبنانيين الذين شكلت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 نظرتهم السياسية.

وقبل أن يتولى قيادة الجماعة، كان يقضي الليالي مع مقاتلي الجبهة الأمامية الذين يقاتلون جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقُتل ابنه الشاب هادي، في معركة عام 1997، وهي الخسارة التي منحته مكانته بين القاعدة الشيعية في لبنان.

الاخبار العاجلة