“شرود” مجالس دستورية واشتغالها خارج القانون يسائل مصداقية تقاريرها

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
“شرود” مجالس دستورية واشتغالها خارج القانون يسائل مصداقية تقاريرها

بالرغم السياق التاريخي الذي أفرز عدد من المؤسسات والمجالس الوطنية، والمرتبط بدستور سنة 2011، وما حمله من جرعة مهمة، إلا أن كثيرا من هذه المجالس باتت تعيش خارج القانون والدستور بعدما أخفقت في تجديد هياكلها منذ إحداثها، الأمر الذي يعد “عيبا” يمس روح المؤسسات وسمعتها، ويسائل مصداقية ما يصدر عنها من تقارير وآراء.

وباتت الوضعية التنظيمية التي تعيشها عدد من المجالس تسائل مدى احترامها للقوانين التنظيمية، ذلك أن هذه المجالس تعاني من مشكلات تتعلق بعدم تجديد هياكلها وفق الشروط المنصوص عليها في الدستور والقوانين الجاري بها العمل، مما يسائل شرعيتها ويضعها على المحك.

ولعل الوضع التنظيمي لكل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، خير دليل على مؤسسات مغربية بارزة باتت تعيش حالة الشرود بسبب عدم تجديد الهياكل.

يأتي ذلك في الوقت الذي تحرص فيه أعلى سلطة في البلاد على احترام دورية الاجتماعات والأنشطة، ولعل ذلك في دأب الملك محمد السادس على افتتاح البرلمان ضمن الآجال المحددة قانونا، إضافة إلى تعبئة مختلف المؤسسات لتنظيم الانتخابات في موعدها بالرغم من تزامن ذلك مع فترة كوفيد 19.

مجالس شاردة

ويعيش المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أحدث بموجب الفصل 151 من الدستور، هو الآخر وضعا ملتبسا، ذلك أن أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس، مستمر في مهامه بالرغم من انتهاء ولايته رسميا منذ دجنبر 2023، رغم أن ولايته الانتدابية تحدد وفق القانون التنظيمي في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

ومن جهة أخرى، فإن مجلس الجالية، الذي راكم ما يكفي من الإخفاقات طيلة عقد ونصف من الزمن، بفشله في تقديم الآراء الاستشارية والتقارير الاستراتيجية التي تعد جوهر عمله، أثبت فشله أيضا على مستوى الحكامة والتسيير، بدليل عقده لجمع عام واحد منذ تأسيسه، إضافة إلى أن ولايته انقضت بانتهاء الأربع سنوات الأولى من إحداثه في دجنبر 2007، كما لم يتم تجديد هياكله منذ دستور 2011، ما يجعل هو الآخر يسبح خارج الزمن الدستوري.

من جهة ثانية، يوجد المجلس الوطني لحقوق الإنسان خارج القانون بعد انتهاء ولاية أمينة بوعياش على رأسه، إذ تم تعيينها في 6 دجنبر 2018 وانتهت مدة انتدابها بتاريخ 5 دجنبر 2023، إذ تنص المادة 37 في الفقرة الأخيرة من القانون المنظم للمجلس على تحديد مدة انتداب الرئيس في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، كما أن الفقرة الثانية من المادة 38، تؤكد على أن يحيط الرئيس السلطة، التي يحق لها التعيين، بالتاريخ الذي سوف تنتهي فيه مدة الانتداب قبل ثلاثة أشهر من التاريخ المذكور، وأن يتم التعيين أو إعادة التعيين قبل 15 يوما من التاريخ المذكور.

مصداقية على المحك

في هذا الصدد، اعتبر الحسن أشهبار، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن عدم تجديد مجموعة من المجالس المنصوص عليها في الدستور هياكلها في الوقت المنصوص عليه بمثابة “عيب يعتري التنظيم المؤسساتي بالمغرب وهو يضرب في مقتل التجربة الديمقراطية التي انخرط فيها المغرب منذ وصول الملك محمد السادس إلى الحكم”.

وشدد أشهبار على أن هذا الأمر “يتناقض مع روح الديمقراطية التي جاء بها الدستور الحالي لأن عدم تجديد هياكل هذه المؤسسات يؤثر سلبا على نظرة المجتمع لها وعلى مصداقية ما يصدر عنها من تقارير وآراء، لأن غياب روح الديمقراطية يؤثر بالسلب على جودة ما يصدر عنها من مخرجات”.

من جانب آخر، يتابع أشهبار أن عدم تجديد هذه المؤسسات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية يطرح عدة أسئلة حول الأسباب “وما إن كانت أسبابا موضوعية متعلقة بوجود بعض المقتضيات التنظيمية التي تجعل تنزيلها على أرض الواقع معرقلا لعملية تجديد الهياكل، أم أن هناك مقاومة من بعض الأشخاص الذين يرفضون أن يتم تعويضهم داخل هذه المؤسسات”.

وشدد أستاذ القانون الدستوري على أن “تجديد هياكل هذه المجالس مسألة ينبغي أن تتم في أقرب وقت ممكن وداخل الآجال المنصوص عليها تنظيميا”، مشددا على أن “عدم تجديد هذه الهياكل يضرب حتى في مصداقية النص الدستوري الذي تحدث عن هذه المؤسسات وأعطاها مكانة دستورية، ما يعني أنه رفع من شأنها وجعل منها مؤسسات سامية متميزة بالجودة على مستوى التسيير وعلى مخرجاتها والتقارير الصادر عنها، ما يجعل عدم تجديد هذه الهياكل يمس روح هذه المؤسسات”.

وأبرز أن هذه المؤسسات والمجالس “هي أول من ينبغي أن يسهر على احترام القانون، ويجب أن التكون الضامن لاحترام القاعدة القانونية الدستورية وضمان سموها وأن تعطي المثال لباقي المؤسسات الأخرى غير المنصوص عليها في الدستور”.

ولفت المتحدث إلى أنه في حال عدم احترام ذلك “تصبح هذه المؤسسات تمس جوهر الديمقراطية التي انخرط فيها المغرب، والتي يعتبر احترام النصوص التنظيمية والقانونية أساسها وجوهرها”.

ونفى أشهبار أن يكون التعنت في تجديد هياكل المؤسسات الدستورية مرتبطا بنقص الأطر والكفاءات القادرة على تعويض الموجودين بهذه المؤسسة، موردا أن هذه “الفرضية ضعيفة إلى أبعد حد، لأن المغرب حافب بالأطر والنخب الإدارية والسياسية القادة على تحمل المسؤوليات والقيام بهذه الأعمال والمسؤوليات على أكمل”.

ودعا إلى “ضرورة منح الفرصة لهذه الكفاءات، مشددا على ضرورة الانفتاح على الشباب داخل هذه المؤسسات التي تحتاج إلى حركية ونوع من الإبداع والابتكار ونحن نحتاج إلى الجيل الجديد من الشباب المثقف الحامل للشواهد العليا، سواء من الشباب المغاربة القاطن داخل أرض الوطن أو الشباب المغاربة المقيمين في الخارج ذلك أنهم حاملين للجنسية المغربية وهم مغاربة ويجب أن نستفيد من الإمكانيات الاتي يتوفرون عليها”.

الاخبار العاجلة