“زيادة البوطا” تنعش رصيد الخزينة .. وإنفاق المقاصة يثبت تطور الاستهلاك

هيئة التحرير23 مايو 2024آخر تحديث :
“زيادة البوطا” تنعش رصيد الخزينة .. وإنفاق المقاصة يثبت تطور الاستهلاك

يوماً بعد آخر، يأخذ النقاش العمومي حول الرفع التدريجي لسعر أسطوانات غاز البوتان، الذي شُرع فيه ابتداء من مطلع الأسبوع الجاري، عبر “التقليص ‏‏الجزئي من الدعم العمومي الموجه لهذا الغاز برسم سنة 2024″، يستأثر بحيّز وافر من اهتمام المغاربة بمختلف فئاتهم وشرائحهم، فيما يُنتظَر أن يكون ذا أثر مالي جد مهم من حيث العائدات التي ستُضَخّ في الميزانية العامة والتي ستوجه لتمويل منظومة الدعم المباشر.

وفضلاً عن استمرار نقاش هوامش الربح لدى “البقالة” أو بين مهنيّي التعبئة والتوزيع واستيراد البوتان، الذي لم يُحسَم في تحديده بعد، من المتوقع أن تجنيَ ميزانية الدولة أزيد من ملياريْن ونصف المليار درهم (حوالي 250 مليار سنتيم)، وذلك “خلال سنة من دخول القرار حيز التنفيذ”؛ في 20 ماي الجاري.

ومن المنتظر أن يُوفّر هذا المبلغ، دون احتساب عائدات قرار الزيادة بـ 2.5 دراهم عن كل قنينة من فئة 3 كيلوغرامات، هوامش مالية للدولة في إطار تمويل الدعم الاجتماعي المباشر للأسر واستهدافها “بشكل أنجع”، من خلال احتساب معدل استهلاك المغاربة لقنينات الغاز من فئة 12 كيلوغراما، الذي يفوق في الغالب 200 مليون قنينة سنويا، وهو ما تؤكده البيانات الرسمية عن تطور الاستهلاك خلال العام الماضي.

تطور الاستهلاك

باستقراء جريدة هسبريس الإلكترونية لبيانات ومعطيات رسمية وردت في الفصل المتعلق بـ “تطور نفقات المقاصة الخاصة بالمواد المُدعَّمة”، ضمن تقرير المقاصة المرفق بقانون المالية لسنة 2024 الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، يتبيّن أن استهلاك المغاربة خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023 بلغ 166,6 مليون قنينة من “فئة 12 كيلوغراما” (بوطا كبيرة)، ما يمثل “زيادة كبيرة قدرها 9,96 قنينة” مقارنة بالفترة ذاتها سنة قبل ذلك.

وأورد التقرير ذاته أن “الدعم المتوسط للقنينة من فئة 12 كيلوغراما بلَغ حوالي 68 درهما خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023، مما يمثل انخفاضاً بنسبة 31 في المائة مقارنة بالمستوى التاريخي الذي تم تسجيله خلال الفترة نفسها من سنة 2022، ومجهوداً إضافيا يقدر بـ34 في المائة، (أي 3 مليارات درهم إضافية) مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2021″، مسجلا أنه “نتيجة لذلك، وصلت تكلفة دعم غاز البوتان، خلال الفترة المذكورة، مبلغاً إجماليا يقارب 11,4 مليار درهم”.

وأكد تقرير المقاصة المرفق بقانون مالية 2024 منحى تطور دينامية استهلاك غاز البوتان “بعد أن سجل أدنى معدل نمو له خلال العشرين سنة الأخيرة خلال سنة 2021″، لافتا إلى أن “الاستهلاك الوطني من غاز البوتان (الموجَّه للطهي المنزلي) بلغ ما يعادل 227,3 مليون قنينة من فئة 12 كيلوغراما (أي ما يساوي بالتحديد 2,73 مليون طن سنة 2022)، مسجلا ارتفاعا بنسبة 2,23 في المائة على أساس سنوي”.

متوسط الدعم لقنينة الغاز من “حجم 12 كلغ” من البوتان بلغ حوالي 68 درهما للفترة من يناير إلى شتنبر 2023، وهو ما يمثل، بحسب تقرير مديرية الميزانية، “انخفاضاً بنسبة 30 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق (2022)”.

وبحسب المعطيات المتوفرة في التقرير، فـ”خلال الربع الأول من عام 2023 استمر الدعم المقدم من الدولة لقنينة الغاز من حجم 12 كلغ في اتجاه تصاعدي وصل إلى ذروته في مارس مسجلا 92 درهما، وهو الأعلى على أساس شهري منذ يوليوز 2022، ليشكل بذلك أعلى دعم في عام 2023″.

واعتبارا من أبريل، انعكس هذا الاتجاه، مما أدى إلى انخفاض كبير في الدعم الشهري لقنينة الغاز من حجم 12 كجم، ليصل إلى 45 درهما في يوليو، وهو الأدنى منذ ديسمبر 2020. بعد هذا الانخفاض بأكثر من النصف مقارنة بشهر مارس، ارتفع دعم قنينة الغاز من حجم 12 كلغ مرة أخرى ليصل إلى 63 درهما في سبتمبر، بزيادة قدرها 40% مقارنة بشهر يوليوز 2023.

استهداف أكثر دقة

خلال مروره بداية هذا الأسبوع في مجلس النواب، تطرّق الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إلى سعي الحكومة لاستهداف أكثر إنصافاً من خلال توفير الدعم للفئات المستحقة بشكل مباشر، لافتا إلى أن “الدولة منذ 2015 إلى غاية متم سنة 2023، خَصصت 111 مليار درهم لدعم غاز البوتان، لم يستفد 20 في المائة من الفقراء إلا بـ 2.5 مليار سنوياً، أي 14 في المائة من حصة الدعم الإجمالي، في حين استفاد 20 في المائة من الذين يتوفرون على إمكانيات من أكثر من 27 في المائة من هذا الدعم”، قبل أن يتساءل: “هل نستمر في تخصيص هذه العشرات من المليارات لدعم الميْسورين وذوي القدرة الشرائية أم نوفر هذه الهوامش المالية ونعطيها مباشرة إلى أولئك الذين يحتاجونها؟”.

وتابع شارحاً بأن “3.6 ملايين شخص سيتوصلون هذه السنة بـ25 مليار درهم، قبل أن يرتفع الرقم إلى 29 مليار درهم سنة 2026، موردا: “أعتقد أننا مُطالَبون بتوفير هوامش مالية أخرى يتم توجيهها بشكل أدق نحو هذه الفئات المستحقة”.

في سياق متصل، أكد وزير الميزانية أن “ما عرفه غاز البوتان اليوم ليس تحريراً لأسعاره بل فقط إضافة عشرة دراهم في ثمن قنينة الغاز، بينما الثمن الحقيقي هو 88 درهما”، مبرزا أن “الدولة ستواصل دعم هذه المادة بأكثر من 35 درهما للقنينة الواحدة”.

وكانت مديرية المنافسة والأسعار والمقاصة بوزارة الاقتصاد والمالية قد أفادت، في بلاغ سابق، بأن هذا التقليص التدريجي من دعم المقاصة لأسعار “البوطا” يأتي “في إطار تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر ‏‏بناء على مبدأ الاستهداف الأنجع للأسر المستحقة للدعم”.

الاخبار العاجلة