توشيح موسيقيين بـ”الكوفية” يطلق الجدل حول نصرة القضية الفلسطينية بالمغرب

هيئة التحرير10 يونيو 2024آخر تحديث :
توشيح موسيقيين بـ”الكوفية” يطلق الجدل حول نصرة القضية الفلسطينية بالمغرب

تم توشيح فرقة موسيقية أمازيغية بـ”الكوفية الفلسطينية” على هامش إحياء مهرجان خطابي وفني نظمته حركة التوحيد والإصلاح، السبت الماضي، بمدينة أزرو، بمشاركة عزيز هناوي، الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، وأحمد وايحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، ما أثار غضب نشطاء أمازيغ اعتبروا الأمر “استغلالا للتراث والفن الأمازيغيين في الصراع العربي الإسرائيلي”، بتعبيرهم.

وندد النشطاء أنفسهم بما وصفوه بـ”الاستغلال الإيديولوجي الضيق” للفن الأمازيغي في صراعات سياسية وعسكرية بعيدة عن هموم “إيمازيغن” وانشغالاتهم اليومية، رافضين ما وصفوها بـ”محاولة ممارسة الوصاية على مكونات المشهد الاجتماعي والسياسي بالمغرب”، في وقت اعتبر آخرون أن هذا الكلام لا يمثل الأمازيغ، ويخص أصحابه، وأن الذين يروجون له إنما يخدمون “أجندة الصهيونية” لبث التفرقة في المجتمع المغربي.

“وصاية سياسية”

قال يوسف بن الشيخ، ناشط أمازيغي، إن “تنظيم هذا المهرجان الخطابي له بالفعل خلفيات لا تختلف عن كل الأنشطة الدعائية التي تنظمها بعض الجهات التي تتقمص دور الدولة، وتحل مكانها حتى في إدارة السياسة الخارجية للمملكة في كل مرة”، مشيرا إلى “محاولة إقحام التراث الثقافي الأمازيغي في صراع سياسي وعسكري في الشرق الأوسط وبعيد عن مجال تامازغا”.

وتابع المصرح لهسبريس بأن “الجميع يعلم أن التراث الأمازيغي هو نتاج هذه الأرض وهذا المجتمع وتاريخه، ولا يعكس أي قضية أخرى سوى هموم المجتمع الأمازيغي وقضاياه المجتمعية، كما لا يمكن ربطه إلا بالبيئة السوسيوثقافية التي أفرزته، إلا أن العماء الأيديولوجي والتعصب الديني حال دون فهم هذه المعادلة”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الحركة الأمازيغية ترفض هذا الاستغلال الإيديولوجي الضيق للفن الأمازيغي في الصراعات السياسية والعسكرية الخارجية من طرف جهات غريبة عن النسيج المجتمعي المغربي، وعن اهتماماته وأولوياته”، معتبرا أن “هذه الإستراتيجية الجديدة ليست إلا محاولة يائسة للمزايدة على الحركة الأمازيغية وعلى موقفها الديمقراطي والإنساني الثابت في مختلف القضايا الإقليمية والدولية”.

وخلص بن الشيخ إلى أن “ما تعارضه الحركة الأمازيغية ليس التضامن الإنساني مع الشعوب المضطهدة الذي يوجد في صلب مبادئها وخطابها، بقدر ما ترفض فرض تصورات إيديولوجية للصراع في فلسطين على المجتمع المغربي، وممارسة الوصاية السياسية على باقي مكونات المشهد الاجتماعي والسياسي المغربي، خاصة أن إحدى بواعث الحركة الأمازيغية في شمال إفريقيا والساحل كان هو إقرار التعددية والاختلاف في التصورات والآراء وليس صياغتها في قالب جامد واحد”.

قضية سياسية

أورد عمر إفضن، ناشط أمازيغي، أن “هذا الفعل يمس عمق التراث الأمازيغي الذي يشكل رصيدا تاريخيا وحضاريا عن طريق توظيفه سياسيا، إذ إن البعض يحاول الترويج لأفكار وإيديولجيات لا علاقة لها أصلا بشمال إفريقيا”، مسجلا رفضه “المس بالرصيد التاريخي والحضاري من خلال محاولة استغلال مجموعة غنائية أمازيغية في تمرير مواقف معينة في ضرب صارخ للأمن الثقافي للمغاربة”.

وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول حقيقة موقف “إيمازيغن” من الصراع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، قال المتحدث ذاته: “إن قضية فلسطين هي قضية سياسية مبنية على حسابات إقليمية، وبالتالي فنحن لا نتدخل فيها لأننا لسنا دولا ولسنا أطرافا فيها، مع تضامننا المبدئي مع كل القضايا الإنسانية في العالم”.

وأوضح إفضن في هذا السياق أن “من الأشياء المقدسة عند الأمازيغ هي إنسانية الإنسان”، مضيفا أن “الخطير هو محاولة نقل هذا الصراع السياسي الذي يتداخل فيه الفاعلون إلى منطقة شمال إفريقيا، بل إن هذا الصراع صار يُغلف بغلاف عربي إسلامي حتى صار من غير الممكن للأمازيغي أو الكردي التحدث فيه؛ ثم إن الإنسان الأمازيغي تهمه قضايا أرضه وتنمية مجاله ويرفض التورط في صراعات سياسية كبيرة بهذا الحجم”.

خدمة “الصهيونية”

يرى رشيد العدوني، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن “محاولة تحويل الأمازيغ إلى ما يشبه الخيمة المُغلقة التي تهمها إلا قضاياها هو تزييف للوعي الأمازيغي الحقيقي الذي كان دائما إلى جنوب القضايا الإنسانية العادلة في العالم”، مشددا على أن “هناك تراثا وإبداعا أمازيغيين تعتبر فيه القضية الفلسطينية قضية مركزية”.

وسجل المصرح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “الأمازيغ والعرب، بل والإنسانية جمعاء، يصطفون إلى جانب الشعب الفلسطيني، وهي القاعدة العامة، في حين أن الاستثناء هو من لم توقظ فيه مشاهد القتل والتقتيل التي يتعرض لها الفلسطينيون مشاعر الإنسانية”، وزاد موضحا أن “بعض الأشخاص المحسوبين على تيار التطبيع يحاولون صهينة الأمازيغية، ثم إن توشيح هذه الفرقة الأمازيغية هو خير جواب على من يريد أن يدفع بالأمازيغية إلى الصهينة”.

وبين نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن “الموقف الطبيعي للعربي والأمازيغي والإنسانية جمعاء هو إلى جانب الفلسطينيين في نضالاتهم”، مشيرا إلى أن “بعض مكونات التيار الأمازيغي تريد استغلال الأمازيغية من أجل خدمة الصهيونية ومشروعها لاختراق المجتمع المغربي وتجزئته وإثارة الفتن داخله”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الأمازيغية بريئة من كل هذه المحاولات، وأصحاب هذا الكلام لا يمثلون الأمازيغ وإنما يمثلون أنفسهم”، خاتما: “من يقول هذا الكلام يخدم تيار التطبيع والصهيونية. ثم إن الأمازيغ شعب حر لا يمكن إلا أن يكونوا مساندين وداعمين لكل الشعوب الأخرى التواقة للحرية”.

الاخبار العاجلة