باحثون ينتقدون خلو المعاهد الموسيقية في المغرب من “الموروث الأمازيغي”

هيئة التحرير28 يونيو 2024آخر تحديث :
باحثون ينتقدون خلو المعاهد الموسيقية في المغرب من “الموروث الأمازيغي”

انتقد باحثون في الثقافة الأمازيغية خلو المعاهد الموسيقية على الصعيد الوطني من العنصر الموسيقي الأمازيغي، ويبقى ذلك، بحسبهم، بمثابة عدم احترام للأشواط التي قطعها المغرب في مأسسة الأمازيغية منذ خطاب أجدير.

الباحثون الذين كانوا يتحدثون ضمن ندوة نظمت برحاب المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الخميس، بحضور عميد المعهد أحمد بوكوس وثلة من كوادر المؤسسة وعارفين بالشأن الثقافي والموسيقي الأمازيغي، لفتوا إلى “ضرورة إدراج تدريس هذا النوع من الموسيقى الوطنية بمعاهد الموسيقى الجهوية والمحلية بما يحقق الدسترة ويصون الموروث الثقافي، ودفع الأجيال الجديدة إلى الاهتمام به، عوضا عن تمجيد العنصر الموسيقي الأجنبي”.

الندوة المعنونة بـ”رهانات تعليم الموسيقى الأمازيغية”، شهدت نقاشا مطولا حول سبل دفع هذا النوع الموسيقي الوطني ليجد لنفسه موطئ قدم بمعاهد الموسيقى الوطنية شأنه في ذلك شأن مختلف الأنواع الأخرى، بما يرفع الإقصاء ويصون الموروث الثقافي من الاندثار.

في الحاجة إلى الأصالة

أحمد عيدون، باحث في علوم الموسيقى دكتور في الصناعات الثقافية الإبداعية، أكد “ضرورة العمل على رصيد مُديريّ يبين لنا رصيد الصعوبات التي تواجه الرقي بالموروث الثقافي الأمازيغي وهيكلته، حيث نظل بحاجة إلى منهج علمي يشبه الأوروبي الخاص بالتقليد الشفوي إذا ما استحضرنا وجود متغيرات كثيرة”.

وأضاف عيدون، ضمن كلمته، أن “الموسيقى الأمازيغية بحاجة إلى برامج ومكونين يحتاجون بدورهم إلى بحث علمي وبيداغوجي وأورْغَانُولُوجي يتعلق بطبيعة الآلات المعتمدة في هذا الصدد، في وقت ما يزال البعض يؤمن للأسف بأن التعليم الموسيقي بالبلاد غير مجدٍ، وهو خطأ، لأن الفنان التقليدي في الأصل تعلم على يد معلمه ومن خلال معاشرته لفنانين آخرين”، مشيرا إلى أن “تنمية المجال الموسيقي لا يمكن أن تكون في الأصل إن لم يكن هناك اعتبار اجتماعي للفنان بدوره”.

وتساءل المتحدث عن “المانع من عدم إعطاء التزكية للفنانين القدامى لتمرير كل ما لديهم إلى الشباب عبر المعاهد الموسيقية التي تجلب التواقين إلى التخصص في الموسيقى”، متابعا: “لكن قبل كل هذا يجب ألا تكون ثقافتنا وموسيقانا منغلقتين على ذاتنا فقط ونراهما على أنهما تخصان منطقة جغرافية معينة، في وقت يجب ألا نتخوف من التقليد الشفوي لكونه يعيش بيننا”.

تفضيلٌ للأجنبي على المحلي

من جهته، قال الموسيقار بلعيد العكاف إن “الموسيقى الأمازيغية جزء من التراث الوطني ولا يمكن أن تفرض وجودها بدون رعاية مؤسساتية ورعاية اثنوغرافية، إذ من المفروض تطويرها على أسس علمية علمية بما يحفظ أصالتها، على الرغم من أن بعض المغاربة المثقفين ما يزالون ينظرون إلى التراث الأمازيغي نظرة دونية مقابل تمجيدهم للتراث الأجنبي”.

وتابع العكاف: “هناك من المغاربة من لا يزال يجهل ثقافته ويسخر منها ولا يريد تعلمها ويتهافت على الرقص المعاصر والثقافة الأجنبية على سبيل المثال، وهو ما يحيل إلى أن أغلب المغاربة لم يتخلصوا بعد من الغزو الأجنبي للثقافات المحلية”، مضيفا: “البعض الآخر يلح بضرورة استبدال الآلات التقليدية بأخرى عصرية تعتمد في الموسيقى المغربية على العموم، على الرغم من أن إنقاذ التراث وإنقاذ الآلات كذلك أمر مهم”.

وسجل المتحدث الحاجة إلى تكوين خبراء وكفاءات مغربية أمازيغية وإنشاء قاعات قرب للموسيقى وإدماج الأمازيغية بها وتعليم آلاتها للجيل الحالي، ذلك أنه إذا لم نقم بكل هذا فلن يكون جديدا إذا رأينا أبناءنا ينفصلون عن ثقافتهم”، معتبرا أن ثقافة الاعتراف يجب أن تحضر لدينا تجاه الفنانين وهم على قيد الحياة، وليس بعد مماتهم فقط”.
الموسيقى والهوية

أحمد عصيد، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، انتقد بدوره غياب الموسيقى الأمازيغية في المعاهد بالمملكة، حيث أكد أنه “جرى تنبيه الوزارة الوصية إلى ذلك قبل 25 سنة على الرغم من أنه وقتها لم تكن لدينا خطوات مأسسة الأمازيغية بعد، لكن أصل كل هذا يرجع إلى لحظة ما بعد الاستقلال بعدما تم تهميش الموسيقى بشكل عام، مما خلق شعبا أميا موسيقيا”.

وأوضح عصيد، ضمن مداخلته، أن “تهميش الموسيقى خلق كذلك مشكلا هوياتيا بالنظر إلى أن الفنون في أصلها من بين العناصر التي تربط الأجيال المتعاقبة بالأرض والهوية”، موردا أن “القانون التنظيمي لسنة 2019 يعد مرجعا مهما يجب أن نؤسس عليه من أجل تعليم الموسيقى الأمازيغية لأبنائنا وتمكينهم منها”.

وبين المتحدث “الحاجة كذلك إلى خلق روابط بين الرواد الموسيقيين والمؤسسات باعتبارهم طاقات يجب أن يتم استثمارها بالشكل اللازم بما يرفع من درجة التمكين للموسيقى والثقافة الأمازيغيتين، لما لهما من أهمية في دعم الارتباط بالأرض، وجعلهما متاحين للأجيال الحالية”.

الاخبار العاجلة