التجربة المغربية في تدبير ودسترة اللغة الأمازيغية تجذب اهتمام فعاليات ليبية

هيئة التحرير15 يونيو 2024آخر تحديث :
التجربة المغربية في تدبير ودسترة اللغة الأمازيغية تجذب اهتمام فعاليات ليبية

حلّ وفد يضم أعضاء من تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية برئاسة فتحي بنخليفة، الأمين العام لحزب ليبيا الأمة، ضيفا، الخميس، على أزطا أمازيغ – الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، وذلك من أجل الاطلاع على المسار الذي اتخذه “التصالح” مع ثقافة “إيمازيغن” بالمغرب قبل الدسترة وبعدها؛ وهو المسار الذي بدأ بخطاب أجدير (17 أكتوبر 2001)، ومر بتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ودستور 2011 والقانون التنظيمي، ووصل إلى إعلان “إيض ينّاير” عطلة رسميّة، إلخ.

هذا المسار تنظر إليه هيئات مغاربية، خصوصا في ليبيا، بـ”تقدير كبير”، خصوصا أن التعددية اللغوية والثقافية أدت إلى تصدّعات ميدانية وارتفاع جرعة العنصرية، وهي الأمور التي “ظل المغرب بعيداً عنها”، بحكم “نزع الأمازيغية من التجاذبات ‘العرقية’ وجعلها شيئا مشتركاً لكلّ المغاربة”، وفق توصيفات ترتطم بحدّة بتصورات أخرى ترى أن “التراجع على مستوى الحقوق اللغوية والثقافية بالمغرب بلغ درجة لم تعد محتملة”، وهو ما يتطلّب تقوية “العمل الأمازيغي”.

“تجربة مغربية واعدة”

يوسف لعرج، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة “أزطا أمازيغ”، قال إن زيارة الوفد الليبي إلى مقر الشبكة بالرباط كان بنيّة الاطلاع على حيثيات تجربة المغرب في تدبير ملف التنوع والتعدد اللغوي والثقافي، وذلك من خلال الخطوات التي اتخذها الفاعل العمومي المغربي، من دسترة الأمازيغية وكذلك إصدار القانون التنظيمي رقم 16-26 الذي يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وبعض الإشكالات المطروحة.

ووفق معطيات قدمها لعرج لهسبريس فإن الوفد الليبي أخذ كذلك تصورا حول مبادرات وعمل المجتمع المدني ومواكبة هذه الديناميات غير الرسمية للتطورات التي تعرفها “تمازيغت”، وزاد: “تقاسمنا معهم الحصيلة وما نقوم به كفعاليّات أمازيغية، سواء في ما يتعلق بتقوية القدرات أو مواكبة الفاعلين للمساهمة في تدبير الملف وضمان تفعيل الطّابع الرسمي للأمازيغية، واتفقنا على أن نضع رهن إشارتهم خبرتنا وتجربتنا”.

وأورد الفاعل الأمازيغي أن الجهة المغربية “تشكَّلت لديها، انطلاقاً من اللّقاء، صورة حول وضعية الأمازيغية والأمازيغ في جمهورية ليبيا، سواء في فترة القمع أيام العقيد معمر القذافي أو ما عرفته ‘تمازيغت’ و’إيمازيغن’ من مصادرة حادة ما بعد 2011 عقب دخول البلد وضع اللادولة”، مشدداً على أن “الوفد لم يخف أنه يفكر في وضع خطة جديدة تضمن موقعا جديداً للأمازيغيّة في التجاذبات السياسية في الساحة الليبية، وكيفية تأهيلها انطلاقا من الترافع السياسي”.

وتفاعلا مع سؤال هسبريس “كيف يمكن أن يكون التعاون الثّنائي فرصة لتوسيع المجال ليلتقط أصوات مختلف الديناميّات الأمازيغية في المنطقة المغاربية؟” قال لعرج: “الانفتاح موجود أساساً، وتمّ تقاسمه في إطارات عديدة وفي مستويات أخرى. نحن ندعم عملية التنسيق حول الفعل المدني الأمازيغي مغاربيّا”، وتابع: “السياقات تختلف ولكننا نحتاج إلى حوار بنّاء يخدم توجّهاتنا الإستراتيجية والدفاع عن مصالحنا الوطنية انطلاقا من بوابة الأمازيغيّة”.

“مجمع للّغة وتأهيل اللهجات”

عبد الله بادو، عضو المكتب التنفيذي لـ”أزطا”، قال إن “الوفد الليبي يحاول أن يطلع على مختلف التجارب من أجل بلورة تصور حول ليبيا بعد وضع اللادولة، لأنه يمثل أحزاب لها اهتمام كبير بالأمازيغية، وتشتغل عليها بشكل مكثف مثلما تشتغل على التمييز والإقصاء اللذين تعرضت لهما ‘تمازيغت’ على مستوى الممارسة السياسية الليبية”، مؤكدا أن “أزطا لها تجربة طويلة في التفاعل مع الدولة، وكذلك في التتبع ومواكبة سياقات مرور الأمازيغية خلال مرحلة ما قبل الدسترة وما بعدها”.

وأورد بادو، في حديث إلى هسبريس، أن “الوفد كان له أيضا تصور عن الصعوبات التي تواجهها الأمازيغية بالمغرب، ومنها أن الشبكة لم تتوصل بعد بالوصل القانوني من السلطات؛ كما اتضح له أن القوانين والدسترة لم تكن كافية”، وزاد: “قدمنا لهم مثال التعليم وغيره من أوجه الحصار الذي مازالت تشهده الأمازيغية. وهم يعرفون أن الشبكة تلعب دورا مهما على المستوى الوطني والمغاربي، انطلاقا من آليات الترافع التي توسّلتها وطورت منها حتى صارت اليوم مرجعية بحكم نتائجها”.

ولفت الرئيس السابق للشبكة ذاتها إلى أن “من المخرجات التي جرى التنصيص عليها استمرار النقاش لتطوير شراكات وآليات للعمل المشترك بين الدّيناميتين، لنستطيع خلق مساحات للتبادل في إطار تقاسم التجارب والتفكير بشكل جماعي حول مستقبل الأمازيغية في شمال إفريقيا بشكل عام”، مبرزا أن “الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل ستكون هناك لقاءات وورشات تشاورية حضوريّة وعن بعد لتمتين العمل المشترك وتعزيز قنوات التنسيق”.

وأجمل بادو قائلا: “سنحاول الاشتغال على كيفيات ممكنة لتوحيد ومعيرة الأمازيغية على مستوى شمال إفريقيا، من خلال التفكير في إحداث مجمع للّغة”، مشددا على “الحاجة إلى توحيد توحيد اللغة باعتبارها إرثا مغاربيا وشمال إفريقيّا مشتركا، وذلك من خلال تثمين وتدبير اللهجات المحلية”، وختم بالقول: “يهمنا تحسن وتطور وضع الأمازيغية، وتأهيل الوحدة المغاربية وفق ما يحتاج أن يأخذه هذا البعد الهوياتي المشترك”.

الاخبار العاجلة