“الاعتمادات الإضافية” تثير الجدل حول دعم المؤسسات والمقاولات العمومية

هيئة التحرير4 يونيو 2024آخر تحديث :
“الاعتمادات الإضافية” تثير الجدل حول دعم المؤسسات والمقاولات العمومية

سلطت مصادقة المجلس الحكومي الأخير على مشروع مرسوم رقم 2.24.468، يقضي بفتح اعتمادات إضافية في الميزانية العامة، الضوء على الوضعية المالية لعدد من المؤسسات والمقاولات العمومية، موازاة مع مصادقة المجلس الوزاري على التوجهات الإستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة، بهدف إعادة تشكيل المحفظة العمومية وتحسين تدبيرها. ويتعلق الأمر باعتمادات جديدة بقيمة 14 مليار درهم.

وستستهدف الاعتمادات الإضافية لفائدة الميزانية العامة الجديدة، بشكل رئيسي، دعم المكتب الوطني للماء والكهرباء بمبلغ 4 مليارات درهم للحفاظ على استقرار أسعار الماء والكهرباء، وكذا دعم شركة الخطوط الملكية المغربية لتعزيز تنافسيتها، بالإضافة إلى توفير اعتمادات لأداء كلفة نتائج الحوار الاجتماعي؛ إذ واصلت المؤسسة العمومية الأولى الاستفادة من دعم “غير مشروط” من قبل الحكومة، التي ضخت في خزينتها مبلغ 9 مليارات درهم بين 2022 و2023، بوتيرة 5 مليارات درهم و4 مليارات سنويا.

وبالنسبة إلى المؤسسة الثانية، أي شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، فمبالغ الدعم الجديدة تستهدف مساعدتها على تغطية التزاماتها الاستثمارية، البالغة قيمتها 25 مليار دولار؛ إذ يسعى الناقل الجوي إلى رفع أسطوله من 50 طائرة إلى 200 بحلول 2030، إلا أن السؤال يظل مفتوحا حول أسباب استمرار اعتماد المؤسستين العموميتين المذكورتين، بشكل متفاوت، بجرعات الدعم المالي المنتظمة من قبل الميزانية العامة، وعدم استجابة ماليتهما لعمليات الإنعاش المتكررة حتى الآن.

عجز مالي

في ظل تأخر إخراج عقد برنامج جديد واصلت مديونية خزينة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب تفاقمها إلى 21.6 مليارات درهم خلال السنتين الماضيتين، فيما وصلت قيمة مبالغ الدعم المالي الموجهة إلى المؤسسة العمومية 13 مليار درهم على مدى ثلاث سنوات، إذ استمرت في تحمل فاتورة ارتفاع مستويات التضخم التي قفزت بأسعار المواد الطاقية المستخدمة في إنتاج الكهرباء إلى مستويات قياسية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجفاف، وما فرضه من ارتفاع في تكاليف توفير الماء الصالح للشرب.

وبهذا الخصوص، علق رضوان نعيمي، خبير اقتصادي متخصص في المالية العمومية، في تصريح لهسبريس، على حيثيات فتح اعتمادات إضافية في الميزانية العامة، وتوجيه دعم مالي جديد للمكتب الوطني للكهرباء، بالتأكيد على “تأخر الحكومة في التحرك إزاء الوضعية المالية المتردية لهذه المؤسسة العمومية، من خلال عدم تمكينها من عقد برنامج جديد، بشروط أخرى تختلف عن العقد الماضي، وتتلافى مجموعة من النقائص التي جعلت المؤسسة المذكورة عاجزة عن استعادة توازنها المالي، والاعتماد على إمكانياتها من أجل تغطية نفقاتها التشغيلية واستثماراتها المستقبلية”.

وأفاد نعيمي بأن “الحكومة تراهن على نمو اقتصادي بمعدل 3.7 في المائة، وعجز في الميزانية لا يتجاوز 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام بنهاية السنة الجارية، وهي الأهداف التي تستدعي سيطرة كبيرة على النفقات والتكاليف، خصوصا المرتبطة بالتسيير”، موضحا أن “هذا المعطى يفسر بشكل كبير إخراج الإستراتيجية الجديدة لإعادة توجيه المحفظة العمومية إلى الوجود، والمصادقة عليها في المجلس الوزاري الأخير”، ومعتبرا أن “استمرار توجيه الدعم المالي بشكل متزايد إلى مؤسسات عمومية في وضعية صعبة يمثل عبئا متزايدا على الميزانية، التي تواجه ضغوطا تمويلية كبيرة، لتغطية تكاليف مشاريع البنية التحتية استعدادا لاستقبال مونديال 2030”.

تمويلات بديلة

يمكن أن يلعب التمويل البديل دورا حيويا في تعزيز الاستدامة المالية للمؤسسات والمقاولات العمومية، إذ إن التنويع في مصادر التمويل يساعد على تقليل الاعتماد على الميزانية العامة، ويعزز القدرة على تنفيذ المشاريع التنموية بكفاءة وفعالية أكبر؛ ذلك أنه في المغرب على غرار الدول الإفريقية والعربية يعتبر التمويل التقليدي للمؤسسات العمومية عن طريق ميزانية الدولة من أهم وسائل الدعم، إلا أن المستجدات الاقتصادية الوطنية والدولية أكدت الحاجة إلى البحث عن بدائل تمويلية لتخفيف العبء عن الميزانية، وتحقيق استدامة مالية أكبر.

وبالنسبة إلى محمد أمين الحسني، خبير اقتصادي، فالشراكات بين القطاعين العام والخاص من أكثر الأساليب فعالية في تمويل المشاريع الكبرى، خصوصا في مجالات البنية التحتية والطاقة، مشيرا في تصريح لهسبريس، إلى “إمكانية استفادت المؤسسات والمقاولات العمومية من خبرات القطاع الخاص ورؤوس أمواله، مع الحفاظ على الرقابة والإشراف من قبل القطاع العام”، منبها في السياق ذاته إلى “أهمية عمليات إصدار السندات، باعتبارها وسيلة أخرى لجمع الأموال من الأسواق المالية، حيث يمكن للمؤسسات العمومية إصدار سندات عامة أو سندات شركات مدعومة من الدولة لجذب المستثمرين المحليين والدوليين”.

وشدد الحسني، بهذا الخصوص أيضا، على دور البنوك التنموية الدولية، مثل البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، في تقديم قروض ميسرة لدعم المشاريع التنموية، “إذ يمكن للمؤسسات العمومية الاستفادة من هذه القروض لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية الاجتماعية، ما سيخفف العبء عن الميزانية العامة ويقلص من حجم تحملاتها المالية”، معتبرا أن “إعادة توظيف الأصول العامة غير المستغلة أو بيعها يعتبرا من بين الحلول التمويلية البديلة، ذلك أنها ستساهم في تجميع موارد مالية إضافية، يمكن استخدامها لتمويل مشاريع جديدة أو دعم المؤسسات القائمة”.

الاخبار العاجلة