الأمانة العامة للحكومة تبحث سبل إدراج الاتفاقيات الدولية في القوانين المغربية

هيئة التحريرمنذ ساعتينآخر تحديث :
الأمانة العامة للحكومة تبحث سبل إدراج الاتفاقيات الدولية في القوانين المغربية

بحضور اللجنة الأوربية للديمقراطية من خلال القانون (لجنة البندقية)، وهي الهيئة المعروفة بخبرتها في الدراسات التحليلية والمقارنة، في مختلف المجالات المتصلة بدولة القانون والديمقراطية، وعدد من الفاعلين، تقارب الأمانة العامة للحكومة، على مدى يومين، موضوع “الاتفاقيات الدولية في النظام القانوني الداخلي، مكانتها وكيفيات إدراجها”.

وفي كلمة افتتاحية للندوة الدولية، قال بن سالم بلكراتي، المدير العام للتشريع والدراسات القانونية، بالأمانة العامة للحكومة، إن “المعاهدات الدولية، في إعدادها، وإبرامها، والتصديق عليها، تظل قانونا وواقعا نتاج تعبير عن إرادة الدول، ومستمدة من منظومات أوبيئات قانونية وطنية، ومسارا مبنيا على “مبادئ حرية الإرادة، وحسن النية، وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين” على النحو المقرر في الفقرة الثالثة من ديباجة اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، وهي محصلة لإرادات السلم والأمن والتنمية المستدامة وطنيا ودوليا، وسبيل مفتوح لتطوير “التعاون السلمي بين الدول مهما كانت نظمها الدستورية والاجتماعية” على النحو المشار إليه في الفقرة الثانية من ديباجة الاتفاقية المذكورة”.

وتابع المتحدث أنه “على الرغم من إسهام القانون الدولي الذي لا يمكن إنكاره، في توطيد المعايير المتعارف عليها كونيا لدولة القانون الديمقراطية، فإن بروز نوع من الاحتكاك بين المنظومات القانونية الوطنية ومنظومة الاتفاقيات الدولية بات من الإشكالات التي تستوقف المجتمع الدولي في تجلياتها المختلفة وبطبيعة الحال باتت من القضايا التي تستأثر باهتمام المجمع العلمي من باحثين وخبراء في القانون الدولي”.

واستحضر بلكراتي “التطور التاريخي لإسهام المملكة المغربية في توطيد منظومة القانون الدولي، أفضى على المستوى الوطني إلى اعتماد الإطار الدستوري النافذ (أي دستور 2011)، الذي أكد في التصدير الذي يشكل جزءا لا يتجزأ منه، على “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة”.

كما أشار المسؤول بالأمانة العامة للحكومة، إلى إعلان التزام المغرب بـ”حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، و الإسهام في تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيئ”.

كما أقر الدستور، يورد المتحدث، “آليات إجرائية لتدبير العلاقة بين السجلين المعياريين، بتوسيع مجالات الموافقة التشريعية على المعاهدات، وبتخويله القضاء الدستوري اختصاص النظر في دستورية الالتزامات الدولية، عبر الإحالة الاختيارية، وكل ذلك بموجب الفقرات الثانية والثالثة والأخيرة من الفصل 55 من الدستور”.

ولفت المدير العام للتشريع والدراسات القانونية إلى أن هذه الخيارات الدستورية “حظيت، منذ إقرارها، باهتمام بالغ من قبل مختلف الأوساط الأكاديمية والسياسية، وطنيا دوليا”، مؤكدا أن هذه الندوة الدولية “ستسهم بدورها في إغناء التحليلات والقراءات والدراسات، التي سعت إلى سبر أغوار التوجه الذي صار فيه المشرع الدستوري المغربي، بشأن المكانة التي أقر بمنحها لمنظومة الاتفاقيات الدولية علاقة بالتشريع الوطني”.

وأشار إلى دعوة الملك محمد السادس في مناسبات متواترة، “حاملي المبادرة التشريعية، وكذا حائزي السلطة التنظيمية إلى استثمار “رصيد الانخراط الفعال لبلادنا في المسار العالمي” لإنتاج المعايير الاتفاقية والمرجعيات الإعلانية، في مجالات متنوعة منها حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجال والنساء، والمسؤولية الاجتماعية للمقاولات، وحماية البيئة، ومكافحة التحولات المناخية، والهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، والتنمية المستدامة، والذكاء الاصطناعي”.

ومن جهتها أشارت نادية البرنوصي أستاذة جامعية عضو لجنة البندقية عن المملكة المغربية، عضو اللجنة  الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، إلى أن لجنة البندقية قدمت “مساعدتها للإصلاحات الدستورية والتشريعية في الدول الأعضاء وأيضاً في دول أخرى مهتمة بتوافق أنظمتها القانونية مع المعايير الأوروبية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وذلك من خلال تقديم آراء قانونية حول النصوص قيد الإعداد، فضلاً عن أنشطة التعاون”.

وفيما يتصل بمكانة المعاهدات الدولية في هرم مصادر القانون واستقبالها في القانون الداخلي، لفتت إلى ديباجة دستور 2011 التي تنص على أن “الدولة تلتزم بمنح المعاهدات الدولية التي تم التصديق عليها وفقًا لأحكام الدستور وقوانين المملكة، مع احترام هويتها الوطنية الثابتة، منذ نشر هذه المعاهدات، الأولوية على القانون الداخلي للبلد، وتنسيق أحكام تشريعاتها الوطنية ذات الصلة”، مشددة “لم يُتخذ بعد قرار بشأن الاختيار بين النظام الأحادي والنظام الثنائي في المغرب”.

تتضمن قائمة معايير سيادة القانون التابعة للجنة البندقية معيارًا محددًا في هذا الشأن: “هل يضمن النظام القانوني الوطني احترام الدولة للالتزامات التي تعهدت بها في القانون الدولي؟ بشكل خاص: i. هل يضمن التوافق مع القانون المتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك القرارات الملزمة للمحاكم الدولية؟ ii. هل توجد قواعد واضحة لتنفيذ هذه الالتزامات في القانون الوطني؟”، متابعة “في هذا السياق، تمثل مكانة المعاهدات الدولية في هرم المصادر بالنسبة للدستور اهتمامًا خاصًا، خصوصًا فيما يتعلق بالالتزام الدولي بتنفيذ القرارات الملزمة للمحاكم الدولية”.

الاخبار العاجلة