في عالم الفن بمختلف مشاربه وتصنيفاته وخاصة التمثيل، حيث يسكن الإبداع وتتنافس الأفكار، نشأت معركة غير متوقعة مع مرور السنوات، بين الفنانين ومشاهير التيك توك، هذه المواجهة تُثري عالمنا اليوم بتركيبتها الفريدة وتكشف عن تحول جذري في كيفية استهلاكنا للفن والترفيه، على حد تعبير الكثيرين.
خرجت فئة عريضة من الفنانين المغاربة في الأيام القليلة الماضية للتنديد بالحالة التي آلت إليها الساحة الفنية المغربية، بعد استقبالها واحتضانها لمشاهير “تيك توك”، وضمهم للمسلسلات ومختلف الأعمال الفنية، في احتكار صريح لفرص الشغل، وهيمنة صريحة على جماهيريهم التي أضحت تفضل أوقات كثيرة مشاهدة وتتبع حسابات “تيك توك” ومحتوياتها، على حد تعبيرهم.
مع ظهور منصة “تيك توك”، شهدنا ثورة في عالم الوسائط الاجتماعية، هذه المنصة التي تتميز بمحتوى قصير وجذاب فتحت أبوابها لشريحة جديدة من المبدعين، الذين بفضل القدرة على إنشاء محتوى سريع الانتشار، اجتذبوا الجماهير بطرق لم يكن يتصورها أحد، مقاطع الفيديو القصيرة التي تعرض التحديات، الرقصات، والكوميديا، أصبحت تُمثل النبض الحالي للترفيه، مما جذب ملايين المتابعين وأثار الجدل حول مستقبل الفن التقليدي.
من ناحية أخرى، يجد الفنانون أنفسهم في مواجهة تحديات جديدة. الموسيقيون، الممثلون، والرسامون الذين كانوا في يوم من الأيام رموزاً ثقافية، يجدون الآن أن الشهرة التي كانوا يتمتعون بها لم تعد تحظى بنفس التأثير في ظل الطوفان الرقمي الذي يجلبه “تيك توك”، هذه الفئة تبحث عن تجديد هويتها وتكييف فنونها مع متطلبات العصر الرقمي، ما يميز الفن التقليدي هو عمقه وتاريخه، لكنه يجد نفسه مضطراً للتجديد لمواكبة السرعة التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي.
في خضم هذه الحرب بين الفن “التقليدي” ومشاهير “تيك توك”، يظهر نوع من التلاقي والاندماج، بعض الفنانين بدأوا في استخدام التيك توك كوسيلة للوصول إلى جمهور جديد، بينما يسعى مشاهير التيك توك إلى التعاون مع فنانين معترف بهم لرفع مستوى محتواهم وتحقيق التوازن بين الإبداع البصري والمضمون العميق.
لكن من حيث التباين، يستمر الصراع حول القيمة، يرى البعض أن محتوى التيك توك، رغم شعبيته، يفتقر إلى الأبعاد الفنية التي يقدمها الفن الحقيقي، بينما يعتبر آخرون أن هذه المنصة تقدم نوعاً جديداً من الإبداع يعكس تطور ذوق الجماهير وتغير معايير الفن.
من غير الواضح ما إذا كان الصراع بين الفنانين ومشاهير التيك توك سيؤدي إلى تصادم حتمي أو تكامل مثمر، فربما يكون الحل هو إيجاد توازن يتيح للفنانين مواصلة تقديم أعمالهم التي تتطلب وقتاً وجهداً، بينما يسمح لمشاهير التيك توك بابتكار محتوى يتماشى مع تطلعات الجمهور العصري، قد يكون المستقبل في القدرة على دمج هذين العالمين بطريقة تعزز من تجربة المشاهد وتغني الساحة الفنية بشكل عام.
في النهاية، سواء كانت الحرب بين الفنانين ومشاهير التيك توك تتخذ شكل التحدي أو التعاون، فإنها تعكس ببراعة كيف يمكن للعصر الرقمي أن يعيد تشكيل قواعد اللعبة الفنية، ربما تكون هذه المنافسة ليست مجرد صراع، بل فرصة لإعادة تعريف الفن والتعبير الإبداعي في عالم سريع التغير.