تسير العلاقات بين الرباط ونواكشوط إلى الأمام، خاصة عقب الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للمغرب ولقائه بالملك محمد السادس، وهو ما يؤكد أن آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين ستفتح، وبالتالي الاستفادة من فرص اقتصادية وشراكة استراتيجية توفرها المبادرة الأطلسية، وتنفيذ مشروع نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.
وفي 20 دجنبر الفارط، استقبل الملك محمد السادس الرئيس الموريتاني بالقصر الملكي في الدار البيضاء، وأشار بيان للديوان الملكي إلى أن “اللقاء يندرج في إطار علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين، وأواصر الأخوة الصادقة بين الشعبين الشقيقين”، مضيفًا أن “قائدي البلدين ثمَّنا التطور الإيجابي الذي تعرفه الشراكة المغربية الموريتانية في جميع المجالات”.
وبعد أيام قليلة من هذا اللقاء، أعلنت الجزائر إقالة سفيرها لدى موريتانيا، محمد بنعتو، بعد ثلاث سنوات على تعيينه سفيرًا مفوضًا فوق العادة، وعُيِّن في نفس اليوم، وبحسب وسائل إعلام رسمية، أمين صيد سفيرًا جديدًا للجزائر في نواكشوط، وهو ما يؤكد توجس الجارة من تطور العلاقات والشراكات بين المملكة وموريتانيا.
نوفل بعمري، الباحث في شؤون الصحراء، يرى أن موريتانيا منذ مدة اختارت التموقع ضمن المبادرات السياسية والجيوستراتيجية التي يقوم بها المغرب والموجهة للمنطقة، خاصة منذ العملية الأمنية التي قام بها الجيش المغربي في معبر الكركرات، التي كانت نواكشوط قد اتخذت منها موقفًا إيجابيًا ولم تعترض عليها.
وأكد المحلل السياسي أن هذه العملية شكلت عامل استقرار للبلدين، المغرب وموريتانيا، من خلال تأمين المعبر وتعبيد المعبر الحدودي، ويمكن القول إنه منذ تلك السنة بدأ الموقف الموريتاني يتحرر من الضغط الذي كان يفرضه النظام الجزائري من خلال استغلال المواقف التاريخية لنواكشوط والموروثة عن فترة بداية النزاع المفتعل حول الصحراء.
وقال بعمري في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن اليوم موريتانيا اتخذت خطوة نحو المستقبل من خلال زيارة رئيسها للمغرب واستقباله من طرف العاهل المغربي، التي كانت مناسبة لإعلان التحاق موريتانيا بالمبادرة الأطلسية، التي بهذا القرار تعززت من خلال هذا القرار الموريتاني الشجاع الذي أظهر قدرة القيادة الموريتانية على تقدير مصلحة شعبها بشكل صحيح دعمًا للتكامل الاقتصادي في المنطقة.
واعتبر بعمري أن هذا الموقف قد انعكس في الداخل الجزائري الذي لم يتقبل الخطوة الحكيمة التي اتخذتها القيادة الموريتانية، بحيث حمَّل النظام الجزائري مسؤولية هذا التقارب المغربي الموريتاني إلى سفيره ليقرر تغييره بسفير جديد في ظل هذا السياق الذي تشهده العلاقة بين البلدين مع تداول إعلامي لخبر تنظيم زيارة للعاهل المغربي لدولة موريتانيا.
ويسجل في المقابل أن الموقف الجزائري الدبلوماسي يعكس ارتباكًا واضحًا في الدبلوماسية الجزائرية في تدبير علاقتها مع الجيران ومع باقي الدول التي تتخذ مواقف سياسية داعمة للمغرب وتعزز علاقتها مع المغرب، “إذ شاهدنا نفس الموقف قد تم اتخاذه مع عدة دول أوروبية، مما يُوضح طبيعة اشتغال الدبلوماسية الجزائرية وارتكازها على الانفعال والرغبة في التحكم بالقرار السيادي للدول”.