حجز فريق نهضة بركان مقعده في نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية للمرة الثانية تواليًا، رغم خسارته بهدف دون رد أمام نادي شباب قسنطينة الجزائري، في لقاء الإياب الذي احتضنه ملعب الشهيد حملاوي بمدينة قسنطينة، اليوم الأحد، مستفيدًا من فوزه العريض ذهابًا بنتيجة (4-0).
وعلى غير عادته، اعتمد مدرب نهضة بركان، التونسي معين الشعباني، على خطة دفاعية صرفة، ركز خلالها لاعبوه على حماية مناطقهم الخلفية دون تشكيل أي تهديد هجومي يُذكر، في وقت فرض فيه النادي الرياضي القسنطيني سيطرته التامة على أجواء اللقاء، مستحوذًا على الكرة ومارس ضغطًا متواصلًا على دفاع الفريق البركاني الذي اكتفى بالتراجع والتمركز داخل مناطقه.
وشهدت بداية المباراة ضغطًا قويًا مارسه أصحاب الأرض على الفريق البرتقالي، إذ واجه لاعبو نهضة بركان اندفاعًا هجوميًا مكثفًا خلال الدقائق الخمس عشرة الأولى من عمر اللقاء.
وعلى الرغم من هذا الضغط المتواصل، فإن الدفاع البركاني بقيادة المدافع عبد الحق تاهيف، أظهر تماسكًا كبيرًا ونجح في التصدي لجميع المحاولات القسنطينية، مشكلًا سدًا دفاعيًا منيعًا منع أصحاب الأرض من الوصول إلى شباك الحارس منير المحمدي.
وتلقى الفريق البرتقالي ضربة موجعة مع إصابة ظهيره الأيسر هيثم منعوت، الذي اضطر لمغادرة أرضية الميدان قبل مرور ربع ساعة على البداية.
ولم يتردد المدرب التونسي معين الشعباني في التدخل سريعًا لتعويض النقص، ليجري أول تغييراته بدخول المدافع البوركينابي إيسوفو دايو، الذي حل مكان منعوت ليعزز الخط الخلفي للفريق.
ومع مرور الدقيقة السادسة عشرة، بدأ لاعبو نهضة بركان يتحررون من قبضة الضغط القسنطيني، ليبادروا إلى شن بعض المحاولات الهجومية.
وتمكن الفريق البرتقالي من استعادة جزء من توازنه، رغم السيطرة الكبيرة التي فرضها الفريق الجزائري على الكرة، والتي تجاوزت نسبتها 70% لصالح النادي الرياضي القسنطيني مقابل 28% فقط لكتيبة معين الشعباني مع حلول الدقيقة السابعة عشرة.
وبفضل التنظيم الدفاعي الجيد والانضباط التكتيكي، تمكن لاعبو نهضة بركان بقيادة حارس المرمى منير المحمدي من امتصاص حماس أصحاب الأرض، واستمروا في الحفاظ على نسق المباراة متوازنًا لصالحهم حتى الدقيقة الثانية والعشرين، دون السماح للفريق المنافس بخلق فرص حقيقية تشكل تهديدًا على مرماهم.
وفي الدقيقة السابعة والعشرين، أشهر حكم المباراة البطاقة الصفراء في وجه أسامة مداحي، مدافع النادي الرياضي القسنطيني، بعد تدخل قوي على أحد لاعبي نهضة بركان، مما أدى إلى توقف اللعب لبضع لحظات.
وأدى هذا الإنذار إلى ارتفاع وتيرة الاندفاع البدني بين لاعبي الفريقين، حيث ازدادت التدخلات الخشنة، خاصة من جانب لاعبي الفريق القسنطيني الذين لجؤوا إلى القوة في محاولة لإيقاف تحركات الفريق البرتقالي، الأمر الذي زاد من توتر الأجواء داخل المستطيل الأخضر.
ومع مرور أكثر من ثلاثين دقيقة من زمن اللقاء، غيّر لاعبو قسنطينة من أسلوب لعبهم، معتمدين على الكرات الطويلة والتمريرات المباشرة في محاولة لاختراق الدفاع البركاني، إلا أن محاولاتهم لم تجدِ نفعًا.
وظلت نتيجة البياض مسيطرة على مجريات اللقاء، إذ غابت الفرص الخطيرة عن الجانبين خلال الدقائق السبع والثلاثين الأولى من المباراة، في ظل صراع بدني قوي في وسط الميدان ومحاولات متقطعة لكسر الجمود دون أن تترجم إلى أهداف أو فرص حقيقية.
وكاد إبراهيم ديب أن يفتتح باب التسجيل لصالح فريقه النادي الرياضي القسنطيني، بعدما ارتقى بشكل جيد فوق مدافعي نهضة بركان ووجه ضربة رأسية قوية خلال الدقيقة الحادية والأربعين، إلا أن كرته مرت بمحاذاة القائم الأيسر لحارس المرمى منير المحمدي، الذي اكتفى بمتابعة مسار الكرة بنظراته، في واحدة من أخطر فرص الشوط الأول لصالح أصحاب الأرض.
وأطلق حكم المباراة، محمود علي محمود إسماعيل صافرة نهاية الشوط الأول، الذي انتهى بنتيجة التعادل السلبي بين النادي الرياضي القسنطيني ونهضة بركان.
وفاجأ عبد النور بلحسيني لاعبي نهضة بركان بتسجيله هدفًا مبكرًا مع بداية الشوط الثاني، مستغلًا ركلة ركنية في ظل غياب الرقابة الدفاعية، ليمنح التقدم لأصحاب الأرض ويشعل أجواء اللقاء.
ورغبةً في تقليص الفارق وهز شباك منير المحمدي للمرة الثانية تواليًا، كثف لاعبو الفريق الجزائري من حدة هجماتهم المتتالية، مستغلين فقدان لاعبي النادي البركاني للكرة واستعادتها المتكررة من قِبل أصحاب الأرض.
وكاد بلحسيني أن يضيف الهدف الثاني لفريقه برأسية قوية في الدقيقة 59، لولا أن كرته مرت فوق المرمى، لينجو نهضة بركان من هدف محقق.
ولم تنته قصة الرأسيات القسنطينية عند تلك الفرصة، إذ تكررت بمحاولة جديدة جاءت من كرة عرضية معاكسة، لكنها لم تشكل خطورة حقيقية على مرمى الضيوف.
واستمرت سيطرة لاعبي شباب قسنطينة على أجواء اللقاء منذ بداية الشوط الثاني، عبر هجمات متتالية أربكت دفاع نهضة بركان، الذي لم يجد لاعبوه حلولًا فعالة سوى اللجوء إلى ارتكاب المخالفات، ما أدى إلى تنفيذ سلسلة من الكرات الثابتة لفائدة أصحاب الأرض.
وفي محاولة لتعزيز القوة الهجومية لفريقه، دفع المدرب خير الدين مضوي بمتوسط الميدان الهجومي فتح الله طاهر بدلًا من المهاجم زكرياء بن شاعة، بحثًا عن حلول إضافية لاختراق الدفاع البركاني.
وطالب لاعبو شباب قسنطينة باحتساب ضربة جزاء لصالحهم في الدقيقة 67، إثر احتكاك داخل منطقة العمليات، غير أن الحكم السوداني لم يتفاعل مع اللقطة وواصل اللعب دون احتساب أي خطأ.
وسقط عبد النور بلحسيني داخل منطقة الجزاء في الدقيقة 75، دون أن يلتفت الحكم السوداني للحادثة أو يحتسب أي خطأ لصالحه.
وفي فرصة خطيرة أخرى، ارتطمت كرة الكابتن إبراهيم ديب بالقائم، بعد متابعته لإحدى الكرات العرضية داخل منطقة الجزاء، ليحرم بذلك شباب قسنطينة من تسجيل هدف ثان.
وحاول أصحاب الأرض ممارسة الضغط على حكم اللقاء السوداني في الدقيقة 84 للمطالبة بضربة جزاء، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل دون جدوى.
ومن المرتقب أن يواجه نهضة بركان فريق سيمبا التنزاني في نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية، بعد تأهله على حساب ستيلينبوش الجنوب إفريقي.