نقاش دستوري مثير يرافق مصادقة “النواب” على مرسوم بقانون “الأدوية والصيدلة”

هيئة التحرير5 فبراير 2025آخر تحديث :
نقاش دستوري مثير يرافق مصادقة “النواب” على مرسوم بقانون “الأدوية والصيدلة”

قبل مصادقة مجلس النواب، بالأغلبية، خلال جلسة تشريعية عقدها أمس الاثنين، على مشروع القانون رقم 61.24 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.24.728 (27 سبتمبر 2024) بتتميم القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، أثير نقاشا دستوري بين المعارضة والأغلبية بشأن إمكانية التعديل على المرسوم بقانون.

مشروع القانون، الذي حظي بموافقة 123 نائبا، وامتناع ثلاثة نواب عن التصويت، فيما لم يعارضه أي نائب، كان مصدرا لنقاش مطول داخل جلسة تشريعية، بعدما سعى الفريق الاشتراكي إلى تقديم تعديل عليه، وهو ما رفضته الأغلبية، تزكية لرفض سابق ووجه به التعديل داخل لجنة القطاعات الاجتماعية.

جدل دستوري

ولفت سعيد بعزيز، النائب الرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إلى أن الدستور يضمن للمعارضة حق المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، رافضا أن تتم مصادرة هذا الحق داخل اللجن معتبرا أنه مؤسف، مفيدا أن ما جرى في اللجنة كان نقاشا دستوريا حقيقيا لا ينبغي أن يتهم أصحابه بالعرقلة “نحن لا نعرقل التشريع وإنما نساهم في تطوير أداء العمل المؤسساتي”.

وتابع بعزيز “لما طالبنا داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بحقنا في ممارسة مسطرة التشريع بتقديم تعديلات على مشروع هذا القانون كان من منطلق ما يضمنه لنا الدستور والنظام الداخلي”، مبرزا أن المرسوم بقانون هو استثناء لكن دآبت الحكومة في الآونة الأخيرة على اللجوء إليه لأنه يأتي بين الدورتين وباتفاق بين اللجنتين المختصتين وداخل آجل 6 أيام ابتداء من تاريخ الإحالة على مجلس النواب وليس بدء المناقشة في اللجن وفق ما أكدته المحكمة الدستورية.

واعتبر النائب البرلماني أن مدة 6 أيام لا تسعف البرلمان لتقديم تعديلات على مشروع مرسوم القانون، موضحا أنه يتم الاتفاق داخل اللجنتين ويتم حصر الاتفاق عليه بين 44 نائبا داخل هذه الغرفة وليس 395 نائبا، مشيرا إلى قرار المجلس الدستوري الفرنسي في هذا السياق الذي وضع اللبنات الأساسية لتقديم التعديلات على مرسوم بقانون.

وردا على الدفع الذي تقدم به بعزيز، قال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، إن “الفصل 81 من الدستور واضح، ولا يمكن أن نشرع خارج مقتضيات الدستور”، مبرزا أن “النقاش داخل اللجنتين يكون فيه الأخذ والرد والتعديلات، أما وقد صدر القانون في الجريدة الرسمية وتشتغل به الحكومة لا يمكننا التراجع عنه”، متسائلا “وأي نقاش وتعديلات سيكون على مرسوم يضم مادة واحدة؟”، مشددا على أن التعديلات تكون داخل أجل ست أيام في اللجنتين.

وأوضح أنه اليوم يتم استكمال المسطرة التشريعية، وللمعارضة والبرلمان الحق في التعديل وذلك عندما ينشر في الجريدة الرسمية عبر مقترح قانون لتعديله، أما الأن لا حق للبرلمان أن يدخل تعديلا خارج المسطرة الدستورية الواضحة، حيث سبق أن أصدرت المحكمة الدستورية قرارا واضحا في الموضوع، وأنه لا عيب دستوري في المسطرة التشريعية الحالية.

وبدوره، أبرز محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن الحكومة بادرت وأحالت هذا المرسوم بقانون بين الدورتين في شهر شتنبر واللجنتين المعنيتين اتفاقتا مع الحكومة حوله، موردا أن رفض مناقشة تعديلا الفريق الاشتراكي لأن الحكومة جاءت بالمرسوم طبقا للفصل 81 من الدستور وتطبيقا للمادة 250 من النظام الداخلي، ولهذا لا يمكننا أن نناقش التعديل المثار.

ترافع الأغلبية، رد عليه عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، مبديا عدم اتفاقه، مشيرا إلى أن الفصل 81 من الدستور حينما حدد 6 أيام للاتفاق على مرسوم بقانون لم يقل من أجل المناقشة وإدخال التعديلات وقرارات المحكمة الدستورية كذلك.

وأورد بووانو أن المرسوم بقانون حسب منطوق قرار المحكمة الدستورية لديه طابع تنفيذي وتنظيمي ما يعني أن الحكومة تطبقه ولا حق لنا للتدخل فيه، موردا أنه في الفقرة الثانية أعطي لنا الحق أن يأتي كقانون ويمكننا أن ندخل عليه التعديلات عندما يصبح قانونا بمصادقتنا عليه، وفق منطوق المحكمة الدستورية، وهو ما حدث بخصوص مرسوم بقانون المتعلق بكوفيد19 الذي تم تعديله أربع مرات.

وبخصوص تعديل الفريق الاشتراكي، أوضح بووانو أن حق التعديل موجود ولكن كان عليهم أن يتقدموا بمادة أخرى وليس على نفس المادة لأن هاته المادة لديها طابع تنظيمي نصادق عليه وحق التعديل يكون عبر مادة ثانية.

وبدوره، أفاد رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، أن المرسوم بقانون استثناء أعطاه المشرع لأنه تكون أمور استعجالية تستوجب حسمها بين الدورتين، موردا أن الحديث عن اتفاق اللجنتين مع الحكومة هو لتدارس مدى استعجالية المرسوم بقانون، مثيرا واقعة سابقة تم خلالها رفض لجنة القطاعات الاجتماعية بالإجماع مرسوم بقانون.

وتابع الحموني أن المادة 252 من النظام الداخلي تفيد أن رئيس اللجنة المشروع على رئيس المجلس بعد الدراسة والتصويت عليه، والمادة 254 تنص على عرض المادة التي تمت المصادقة عليها خلال الدورتين من أجل المصادقة فقط.

حسم الجدل..

وبعد أن تواصل النقاش حول الموضوع دون التوصل لتوافق، أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أنه الدستور منح اختصاص تقديم المراسيم بقانون للحكومة ويجب أن تطبقه بغض النظر عن العدد، مفيدا أن حق التعديل وارد في اللجنتين عند تقديم المراسيم.

وأفاد الطالبي العلمي أن هذا المرسوم في شكله تنظيمي لكن في مضمونه قانوني، مضيفا أن المقارنة بالتجربة الفرنسية غير ممكنة لأن الكتلة الدستورية الفرنسية مختلفة عن المغربية والنظام السياسي بالبلدان مختلف، متابعا بأن مضمون المرسوم يمكن التصرف فيه داخل اللجنة لكن حينما يصدر يحدث وضعا قانونيا فيه مستفيدون وغير مستفيدين والدستور في مبدأ عدم رجعية القوانين وبالتالي لا يمكن تعديل وضعية أصبحت سارية المفعول، موضحا أن هناك خلاف في قراءة مسطرة التشريع بين رئيس اللجنة ونائب برلماني، مفيدا أن عرض التعديل فيه خرق للمسطرة التشريعية. قبل أن يلجأ الفريق الاشتراكي إلى سحب التعديل.

مضامين مشروع القانون..

 وخلال التقديم، قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، لدى تقديمه لمشروع القانون نيابة عن أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، إن هذا النص يأتي في إطار استكمال الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في الفصل 81 من الدستور، والذي يمنح الحكومة الصلاحية لإصدار مراسيم قوانين خلال الفترة الفاصلة بين الدورات البرلمانية، باتفاق مع اللجان المعنية في كلا المجلسين، على أن يتم عرضها للمصادقة من طرف البرلمان خلال دورته العادية الموالية.

 وأورد بايتاس أن المرسوم بقانون يهدف إلى تحقيق السيادة اللقاحية للمملكة من خلال إقامة صناعة وطنية تستجيب للطلب الوطني والقاري، ومواكبة هذه الصناعة وضمان جودة اللقاحات المصنعة محليا أو المستوردة، والتحقق من استيفائها للمعايير المتعارف عليها على الصعيد الدولي.

 وأورد الوزير أن المرسوم بقانون المقترح للمصادقة على هذا المشروع يتمحور حول إرساء مسطرة لمراجعة بيانات الإنتاج، وكذا عند الاقتضاء، نتائج اختبارات مراقبة جودة كل حصة لقاح أو مصل معد للاستعمال البشري كان موضوع إذن بالعرض في السوق.

 وأضاف المسؤول الحكومي بأنه ينص على إعفاء حصص اللقاحات والأمصال التي تقتنيها المملكة المغربية عبر صندوق الأمم المتحدة للطفولة من شهادة الإقرار الرسمي بقابلية الحصة للتوضيب والتسويق، بالإضافة إلى تحديد شروط وكيفيات منح شهادة الإقرار الرسمي بقابلية الحصة للتوضيب بموجب نص تنظيمي.

الاخبار العاجلة