اتفقت مداخلات ممثلي فرق الأغلبية بمجلس المستشارين على الإشادة بالجرأة السياسية للحكومة لإخراج القانون التنظيمي للإضراب وبالمقتضيات التي تم إدخالها ضمن تعديلات نواب الغرفة الأولى والتي جعلته مختلفا عن الصيغة التي وضعتها حكومة ابن كيران، منتقدة “هذيان خصوم النجاح” في إشارة إلى المعارضة التي مازالت تشهر انتقادات لمشروع القانون.
ونوه محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، اليوم الخميس، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون الإضراب بمجلس المستشارين، بمستوى النقاش العمومي الذي صاحب هذا المشروع، مؤكدا أنها “محطة مفصلية حاسمة في العمل السياسي المؤسساتي والنقابي ببلادنا”، مشيدا بـ”روح المسؤولية القوية لعمل هذه الحكومة تجاه القضايا الكبرى”، و”شجاعتها السياسية غير المسبوقة في التاريخ السياسي المغربي، عندما باشرت بجرأة كبيرة مناقشة هذا المشروع بعدما عجزت الحكومات المتعاقبة طيلة أكثر من 62 سنة من التدبير الحكومي عن إخراجه”.
وهنأ البكوري رئيس الحكومة وفريقه الحكومي على”هذا الإنجاز التاريخي”، منوها بالوفاء بكل تعهدات الحكومة مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، دون هدر الزمن التشريعي والحكومي في المزايدات السياسية والحسابات الضيقة، التي تضيع معها مصالح المواطنات والمواطنين وتفرمل المسار الإصلاحي السليم الذي تبنته بلادنا كخيار وطني ديمقراطي لا رجعة فيه”.
وأفاد رئيس الفريق التجمعي أن مشروع هذا القانون “يضمن الحقوق المكتسبة لأنه ديمقراطي، مؤسساتي”، مشددا على أنه “يضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب ويؤطره، ويقطع مع كل سلوك فوضوي بدون ضوابط واضحة لممارسته”.
ورفض البكوري “كل المزايدات التي صاحبت برمجة هذا المشروع”، مؤكدا على “ضرورة الاشتغال بمنطق الوضوح و الصراحة و القطع مع الغير مهيكل في العمل النقابي، وجعل الجميع ينخرط في عمل مؤسساتي مضبوط، يحترم كل جوانب تعاقداته”.
وذهب إلى أن “الحكومة جعلت من الحوار الاجتماعي خيارا استراتيجيا عكس ما يدعي البعض ويسير بخطى ثابتة في تنزيل كل مخرجاته، الهدف من ذلك بناء تعاقد اجتماعي متين ودائم ومتفق عليه”، مؤكدا اقتناع الفريق التجمعي “أشد الاقتناع بأننا أمام منجز حكومي استثنائي بحمولة سياسية تاريخية غير مسبوقة”.
وشدد البكوري “شعارنا في التجمع الوطني للأحرار هو الوضوح في التعاطي السياسي مع القضايا الكبرى لبلادنا، ولا نعرف المراوغة ولا اللعب بالكلمات والمصطلحات لدغدغة مشاعر الجماهير، خصوصا في زمن تهاوت فيه الاديولوجية، كيفما كانت نوعها بحيث أن المغاربة بجميع شرائحهم ينتظرون بفارغ الصبر خروج هذا القانون لإتمام ما تحقق في هذا الجانب”.
واعتبر رئيس الفريق التجمعي أن مخرجات الحوار الاجتماعي الجاد والمسؤول “لا يمكنها أن تكون بين عشية وضحاها وأثناء مباشرة هذا المشروع خاضعة لمنطق التغول أو التحكم أو الإجهاز على الحقوق والمكتسبات كما يدعي البعض، إذن فمن الطبيعي جدا أن يصاب خصوم النجاح بالهذيان والارتباك وبالشرود الشديد عن المشهد الاجتماعي والسياسي”.
ومن جانبه أكد لحسن الحسناوي، المستشار عن فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، أن هذا المشروع يأتي اليوم “بعد أكثر من 60 سنة من فراغ تشريعي في هذا المجال، وغياب لأي قانون ينظم العلاقة بين المشغل والعامل”، مؤكدا أنه اليوم استطاعت الحكومة بفضل الجرأة السياسية للوزير أن تخرج “هذا المشروع إلى حيز الوجود، بعد أن ظل قابعا برفوف البرلمان منذ سنة 2016”.
وأفاد أن “مشروع القانون كما جاءت به الحكومة التي ترأسها بنكيران أواخر سنة 2016 هو قانون مجحف أعد من جانب واحد، ولم تشرك في إعداده مختلف الأطراف المعنية من نقابات، أو باطرونا، أو أحزاب سياسية، أو مجتمع مدني، كما لم يطلب رأي المؤسسات الدستورية المختصة كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إضافة إلى كونه أعد دون احترام للاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة”.
واعتبر الحسناوي أن مناقشة المشروع “يعد لحظة مفصلية في تاريخ بلادنا وخطوة إيجابية نحو تعزيز المسار الديمقراطي الذي تسير بشأنه بلادنا بخطى ثابتة، لاسيما وأنه مر من جميع مراحل الحوار والتشاور”.
وقال المتحدث إن هذا القانون جاء “ليفعل مخرجات الحوار الاجتماعي، بما يضمن حقوق الفئة العاملة من جهة ومصالح أرباب العمل من جهة أخرى، ومصلحة الوطن قبل كل شيء، فهو يثمن المكتسبات من جهة، ويقطع مع الشروط التعجيزية التي أراد من خلالها المشرع من خلال المشروع المحال على البرلمان سنة 2016، تكبيل وتقييد حق الإضراب”.
وتابع مستشار فريق “البام”: “لقد لمسنا من خلال قراءتنا لمشروع القانون هاجسكم وحرصكم على ضمان التوازن بين الحق في الإضراب والحق في العمل”، مشيدا “بالمقتضيات الإيجابية والجريئة التي جاء بها، بهدف تقنين العلاقة بين المشغل والأجير والحفاظ على التوازنات بصفة عامة”.
ومن جهته أبرز محمد زيدوح، المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن قانون الإضراب الذي جاء في حكومة عبد الإله ابن كيران كان أكثر حدة مقارنة بمشروع القانون الذي جاءت به هذه الحكومة بعد التعديلات التي تمت في مجلس النواب، مفيدا أن القانون بات يتسم بالليونة وتوسيع الحق في الإضراب وتقنين الحق في العمل”.
وشدد زيدوح على أن القانون صالح، مفيدا أن أي مستثمر يأتي إلى المغرب يطرح ثلاث أسئلة؛ “العدل والمساطر الإدارية والقانون الذي يقنن حق الإضراب”، مشيرا إلى أن الدولة ما تزال المستثمر الأول بأكثر من 70 في المئة على عكس العالم المتقدم الذي يعرف نسب أكبر من الاستثمار الخاص.
وتسائل زيدوح عن أسباب نجاح الإضرابات بغض النظر عن حجم التمثيلية النقابية، مشددا على أن مشروع القانون جاء من أجل التقنين، مفيدا أنه كانت لديه بعض الملاحظات قبل أن يتم إقرار التعديلات في مجلس النواب.