في تتمة لما تناولناه سابقا عن كواليس مهرجان “موازين”، وتفاصيل اختيار الفنانين المشاركين فيه، والأجور الزهيدة التي تمنح لهم، نعود اليوم لنفتح الستار أكثر عن واقع مرير يعيشه العديد من الفنانين المغاربة، سواء في مهرجان”إيقاعات العالم”، أو في مهرجان الشواطئ لـ”اتصالات المغرب”، التي يفترض بها أن تكون مساحة للاحتفاء بالمواهب الوطنية.
لكن الحقيقة، بحسب إفادة مصادر خاصة لـ”بلادنا24“، تبدو بعيدة كل البعد عن هذا التصور المثالي، إذ تؤكد أن التمييز في المعاملة بين الفنان المغربي ونظيره الأجنبي، لا يزال ساريا بشكل يثير الاستغراب والاستياء، فبينما يغدق على الفنانين القادمين من الخارج بـ”كاشيات” ضخمة، تتجاوز أحيانا ثلاثة أضعاف ما يتلقاه الفنان المغربي، يتم التعامل مع أبناء البلد بمنطق “الكم وليس الكيف”، مع غياب أبسط الحقوق المهنية.
فضائح “موازين”.. هل أصبح الولاء الشخصي سيد القرار لاعتلاء منصات المهرجان؟ (الجزء الأول)
من الأمور الصادمة التي كشفتها المصادر، أن بعض الفنانين المغاربة المشاركين في هذه المهرجانات، يطلب منهم تغطية مصاريف الإقامة من أجورهم الهزيلة أصلا، في مشهد لا يعكس فقط ضعف التقدير، بل ما يشبه الإهانة المهنية. في المقابل، يستقبل الفنانون الأجانب في أفخم الفنادق، رفقة فرقهم التقنية والإدارية، دون أن يخصم ذلك من أجرهم المرتفع أصلا.
هذا التمييز لا يقتصر فقط على الأجور أو الإقامة، بل يمتد إلى طريقة التعامل، تنظيم العروض، وإتاحة فضاءات الراحة والتحضير قبل الأداء، مما يجعل الفنان المغربي يشعر وكأنه غريب في مهرجان يقام على أرض وطنه وبين جمهوره.
فضائح “موازين”.. صفقات غامضة تربط “إيقاعات العالم” بمهرجان الشواطئ (الجزء الثاني)
وفي ظل هذه المعطيات، تطرح علامات استفهام عديدة حول الجهات التي تسهر على اختيار الفنانين في مثل هذه التظاهرات الثقافية والفنية الكبرى، من المسؤول عن تغييب الشفافية وتكريس اللامساواة؟ ولماذا يستمر في تهميش الفنان المحلي لصالح أسماء أجنبية، في وقت تعاني فيه الساحة الفنية المغربية من غياب فرص الدعم والاعتراف؟.
وسط هذه الأوضاع، لا يخفي عدد من الفنانين المغاربة استياءهم العميق من استمرار هذه العقليات التي تختزل قيمة الفنان في رقم زهيد على “الشيك”، وتقصيه من مكانه الطبيعي على الخشبة، حتى وإن كان جمهور المهرجان من أبناء بلده.