أكد محمد عمور، مدير إدارة الأخبار بقنوات “بي إن سبورتس” القطرية، أن الإعلام الرياضي المغربي على أعتاب مرحلة مفصلية تتطلب وعيا أكبر بضرورات تطوير العمل الصحفي من خلال التكوين والتكوين المستمر والالتزام بأخلاقيات المهنة، لاستثمار الفرص المتاحة في ظل الطفرة التي تعيشها الرياضة المغربية، وتنظيم المغرب لتظاهرات رياضية كبرى على رأسها كأسا إفريقيا 2025 والعالم 2030.
عمور، قدم عشية اليوم الخميس في حلقة نقاشية حول “الصحافة الرياضية وتغطية الأحداث الرياضية الكبرى”، بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط على هامش مبادرة “سفراء الجزيرة”، تشخيصا دقيقا لما ينبغي التركيز عليه للنهوض بالصحافة الرياضية الوطنية، والرقي بها إلى مستوى مواكبة التظاهرات الدولية التي ستحتضنها المملكة في غضون السنوات القليلة المقبلة.
منعطف حاسم في وقت حساس
ويرى “سفير” الصحافة الرياضية المغربية أن أمام الإعلام الرياضي الوطني هامش تطور مهم، موضحا: “من خلال تجربتي المتواضعة وسنوات اشتغالي في المغرب في تسعينات القرن الماضي، نلاحظ أن الإقبال على الإعلام يزداد مع تحقيق نتائج رياضية إيجابية، لأن الإعلام يجد مادة خصبة يشتغل عليها”، مسترسلا “في الفترة الحالية، هناك طفرة، سيما على صعيد كرة القدم، وهذا الأمر لا يقتصر على المنتخب الأول في كأس العالم، ولكن مع الأندية والفئات السنية للمنتخبات الوطنية، وبالتالي هناك تربة خصبة لتكون حولها تغطية إعلامية جيدة”.
وشدّد عمور، الذي استعاد ذكريات تخرجه من المعهد العالي للإعلام والاتصال أواخر ثمانينات القرن الماضي بفخر، على الحاجة الماسة إلى التكوين والتكوين المستمر لبناء صحافيين رياضيين يواكبون سرعة تطور تقنيات وآليات مهنتهم، مبرزا أن “هناك الكثير من الأوراش التي يجب أن نشتغل عليها (في المغرب)، أهمها التكوين والتكوين المستمر، وهذه الدورات التطوعية؛ على غرار ‘سفراء الجزيرة’، تجسيد لهذا التوجه، لمواكبة التطورات العميقة التي يشهدها الإعلام، والسرعة الجنونية التي تتطور بها تقنياته”.
وأشار إلى أن النهوض بالصحافة الرياضية المغربية يحتاج أيضا إلى رفع المهارات الأساسية من قبيل إتقان اللغات الأجنبية، مبرزا في هذا السياق أنه “أصبح من البديهيات إتقان الصحفي الرياضي للغتين أجنبيتين على الأقل، ونحن نتحدث عن الإتقان وليس الحد الأدنى للتواصل، لأننا سنقوم بتغطيات دولية وسنلتقي بفاعلين رياضيين وصحافيين من جنسيات مختلفة، ويجب أن نكون في مستوى محاورتهم والتواصل معهم”.
هيئة لإنقاذ الصحافة الرياضية
وأكد مدير إدارة الأخبار بقنوات “بي إن سبورتس” أن الرفع من كفاءة وجودة المنتوج الإعلامي الرياضي يمر أيضا عبر تطوير البنية التحتية “سواء على مستوى المؤسسات الإعلامية، تقنيا بمواكبة التطورات التي تحدث في عالم الإعلام وتقنيات الاتصال، أو في الملاعب والمنشآت الرياضية التي يجب أن تكون مزوّدة بمراكز إعلامية تتيح للصحافيين ممارسة عملهم في أفضل الظروف”.
وعرّج في مداخلته على جانب أخلاقيات المهنة الذي لا يقل أهمية في بناء صحافة رياضية وطنية تواكب طفرة نظيرتها الدولية، إضافة إلى الحافظ على الاستقلالية المهنية لوسائل الإعلام عن القرار السياسي والمؤسسات والاتحادات والجامعات والأندية.
واقترح بهذا الصدد إحداث هيئة مستقلة مؤسساتية تُعنى بتنظيم مجال الإعلام الرياضي، على غرار الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري، التي تُعنى بتقنين وضبط مجال القطاع.
أسرار النجاح
وفي حديثه عن كواليس التحضير للتغطيات التظاهرات الرياضية الكبرى بقنوات “بي إن سبورتس”، أوضح عمور أن “تغطية كأس العالم أو الألعاب الأولمبية ومختلف البطولات الكبرى التي نملك حقوق بثها هي جزء من عملنا اليومي، فلا يمكننا التوقف لتسعة أشهر لنستفيق بعد حلول موعد كأس العالم لنقوم بتغطيته”.
وأضاف “التخطيط للبطولات الكبرى هو جزء من العمل اليومي، لكن طبعا يختلف باختلاف الجوانب اللوجستيكية التي تحتاج بدورها للتخطيط من حيث ما هو تقني وحجز الآليات والأستوديوهات وكل ما يتطلبه الأمر من أجل التغطية بعين المكان”.
وزاد قائلا “هناك أيضا التخطيط من الناحية التحريرية، أي ما نريده من هذه التغطية وعدد أفراد البعثة وغيرها من التفاصيل، لأن المغزى هنا هو جعل التخطيط القبلي للأحداث جزءا من سلوكنا اليومي بالمؤسسات الإعلامية. فمثلا كأس إفريقيا ستنطلق بعد 7 أشهر من الآن، والمفروض أن يكون مخطط التغطية جاهزا، لأننا في ‘بي إن سبورتس’ نشتغل الآن على كأس العالم 2026، لأنها ستنظم لأول مرة في ثلاث دول، وهناك إجراءات جديدة وتعقيدات في الحصول على التأشيرات، والإنتاج في عين المكان يختلف عن البطولات السابقة”، مشددا على أننا “لا نترك شيئا للصدفة، ونخطط قبل 18 شهرا من موعد البطولة”.
“الصحافة الرياضية ليست مباريات فقط”
وفي ما يتعلق بتنظيم المغرب لمونديال 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال، وجه محمد عمور رسائل للصحافة الرياضية المغربية لتكون في حجم تنظيم مونديال 2030 قائلا: “في المغرب هناك مشاريع تنموية هائلة ومرتبطة بتنظيم كأس العالم، واستثمارات أجنبية ووطنية ومشاريع عملاقة في مختلف المجالات، ودور الإعلام كما أقول دائما في هذه البطولات ليس مجرد نقل المباريات أو التدريبات أو ما يرتبط بالجانب الرياضي، بل مسؤولية الإعلام أن يروّج لصورة البلد الضارب في عمق التاريخ”.
وأكد أن هذا التناول الشامل للتظاهرة الرياضية وما يرتبط بها في مختلف المجالات “مسألة تتعلق ببناء سردية وطنية موثوقة وذات مصداقية، وليست مبنية على ‘البروباغندا’ والعنتريات”، مشددا على أن “هذا أمر في غاية الأهمية، لأن لدينا تاريخا وتراثا حضاريا مهما يجب أن يُبرز، لكن ليس بشكل كرنفالي”.
حقيقة كلفة مونديال قطر
وتوقف محمد عمور عند تجارب رائدة جعلت من كأس العالم فرصة تنموية، على غرار إسبانيا وقطر، وقال: “استفادت إسبانيا شيئا ما من مشروع مارشال خاص بها، وكان مونديال 1982 القاطرة التي جرت قطار التنمية فيها، ونعرف كيف أصبحت وما وصلت إليه الآن”، مردفا “الشيء ذاته بالنسبة لقطر، فقد استغلت كأس العالم لتبني حوله مشروع دولة وأمة وإرثا مستداما للأجيال القادمة”.
وانتهز عمور الفرصة لتصحيح “مغالطة” تُتداول بالصحافة العالمية عن تكلفة مونديال 2022 بقطر، مبرزا أن “هناك من يتحدث عن أن المونديال كلف قطر 200 أو 220 مليار دولار، لكن هذا الرقم؛ إن كان صحيحا، فلم يكن من أجل التنظيم فقط، بل من أجل بناء بلد جديد مستدام للأجيال القادمة، لذلك لا يجب الخلط بين الأمرين”.