عام على الإبادة الجماعية بغزة.. إسرائيل تستمد الجرأة من الدعم الغربي

هيئة التحرير3 أكتوبر 2024آخر تحديث :
عام على الإبادة الجماعية بغزة.. إسرائيل تستمد الجرأة من الدعم الغربي

على مدى عام كامل، واصلت إسرائيل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، مستمدةً الجرأة للقيام بذلك، من الدعم السياسي وعسكري اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية.

ومع اقتراب موعد الذكرى السنوية الأولى للإبادة الإسرائيلية في غزة والذي يوافق السابع من أكتوبر، أعدت الأناضول ملفاً أحصت فيه معالم الدعم الغربي لإسرائيل.

وأعلنت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أنها ستدعم “جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها وشعبها” بعد 7 أكتوبر 2023.

وأكدت هذه الدول، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على أن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها” وتعهدت بتقديم “كل ما في وسعها” من مساعدة لهذا الغرض.

في 18 أكتوبر 2023، استخدمت الولايات المتحدة سلطة النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى “وقف” الأعمال العدائية لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وخلال تلك المرحلة، لم تدن الدول الغربية الهجمات الإسرائيلية على غزة، وظلت صامته لفترة طويلة ولم تدع إلى “وقف إطلاق نار” بشكل واضح وصريح في القطاع.

وفي هذا السياق، استخدمت الولايات المتحدة، في 8 ديسمبر، سلطة النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار في غزة.

وفي 13 ديسمبر، قدمت مصر مشروع قرار إلى الجلسة الطارئة الخاصة بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وشاركت في تقديمه حوالي 100 دولة، بما في ذلك تركيا، وتمت الموافقة عليه بأغلبية 153 صوتاً مقابل 10 أصوات رافضة.

والدول التي رفضت مشروع القرار الذي يطالب بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار في غزة هي النمسا، وتشيكيا، وغواتيمالا، وإسرائيل، وليبيريا، وميكرونيزيا، وناورو، وبابوا غينيا الجديدة، وباراغواي، والولايات المتحدة.

وفي 25 مارس، تمت الموافقة على مشروع القرار الذي طلبه مجلس الأمن لإقرار وقف عاجل لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان، والذي سيتحول إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، على الرغم من استمرار الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر.

وتم قبول مشروع القرار الذي أعدته الدول غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الجزائر، والإكوادور، وغيانا، واليابان، ومالطا، وموزمبيق، وكوريا الجنوبية، وسيراليون، وسلوفينيا، وسويسرا.

وحظي مشروع القرار المذكور بدعم 14 عضوا من أصل 15، مقابل امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.

دعم الغرب لإسرائيل

منذ السابع من أكتوبر، أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، 10 جولات شرق أوسطية، زار في 9 منها إسرائيل.

ولم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بإدانة إسرائيل على ممارساتها، بل أتاحت الفرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء خطاب لمدة ساعة أمام الكونغرس الأمريكي في 24 يوليو الماضي.

وعلى الرغم من وجود أشخاص في الكونغرس احتجوا وأدانوا نتنياهو، إلا أن العديد من أعضاء الكونغرس أشادوا برئيس الوزراء الإسرائيلي.

أما المستشار الألماني أولاف شولتس، فقد وصف إسرائيل بأنها “دولة ديمقراطية ذات مبادئ إنسانية”، وزاد: “لهذا السبب يمكنك التأكد من أن الجيش الإسرائيلي سوف يلتزم بالقواعد الناشئة عن القانون الدولي في كل ما يفعله. ليس لدي أي شك في هذا”.

وشدد شولتس في خطابه أمام البرلمان الفيدرالي الألماني على أن تضامن بلاده مع إسرائيل “لا يقتصر على الكلمات”، مضيفاً: “طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يظل على اتصال وثيق ويبلغنا بأي احتياجات دعم. وسنقوم على الفور بدراسة وتنفيذ طلبات الدعم القادمة من إسرائيل”.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أيضًا إن بلادها ستقدم لإسرائيل “كل الدعم الذي تحتاجه”.

من جانب آخر قالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، إنهم سيقدمون دائما “الدعم غير المشروط” لإسرائيل.

وشددت دير لاين، وهي من أوائل القادة الذين قاموا بزيارة “دعم” لإسرائيل بعد 7 أكتوبر، في كل مناسبة، على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.

وانتقد بعض النواب دعم فون دير لاين غير المشروط لحكومة نتنياهو، مشيرين إلى أنها مسؤولة أيضًا عن “الإبادة الجماعية” في غزة.

وباتت فون دير لاين هدفًا للعديد من الاحتجاجات التي تم تنظيمها بهدف التنديد بالهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

وعلى الرغم من أن عدد القتلى المدنيين في غزة تجاوز 40 ألفاً، ورغم بدء الدعوات لإرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن الدول الغربية استمرت في امتناعها عن إدانة إسرائيل.

ورغم دعوات التهدئة، إلا أن الغرب أصر على عدم إدانة الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، بل إن هذه الدول الغربية أعلنت أنها ستدعم تل أبيب بكل الطرق ضد أي هجوم يستهدفها.

على سبيل المثال، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه سيكون “مرتاحاً إذا أوقفت إسرائيل هجومها على لبنان”، وأنه لا بد من وقف إطلاق النار، غير أنه لم يصدر أي بيان يدين فيه سقوط ضحايا من المدنيين نتيجة الهجمات الإسرائيلية.

وكذلك ألمانيا التي تزعم بالمثل ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتشير في كل مرة إلى خطر انتشار الصراع المنطقة، فإنها لا تنضم إلى قائمة الدول التي تدين الممارسات الإسرائيلية.

بريطانيا ورغم أنها تدعو في تصريحات مسؤوليها الأخيرة إلى وقف إطلاق النار وتحسين الوضع الإنساني في غزة، إلا أنها لا تدين الهجمات الإسرائيلية.

وتقول إيطاليا، وهي إحدى الدول التي باتت تدعو إلى وقف إطلاق النار دون إدانة تل أبيب، إن إسرائيل ما يزال “لها الحق في الدفاع عن نفسها” لكن يتعين عليها وقف الهجمات التي تتسبب في مقتل مدنيين.

أما فرنسا وشأنها شأن دول أخرى من حيث الدعوة إلى وقف إطلاق النار، فقد أدانت الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مسؤولي المساعدات الإنسانية في مارس الماضي، ومدرسة في 10 أغسطس، ومخيم للاجئين في 12 سبتمبر، وكان رد فعلها تجاه تل أبيب أكثر حدةً من باقي الدول.

دعم عسكري غربي مكثف لإسرائيل

ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد قدمت الولايات المتحدة الأمريكية 70.2 بالمئة من احتياجات إسرائيل للأسلحة التقليدية في الفترة 2011-2020. تلتها ألمانيا بـ23.9 بالمئة، وإيطاليا بـ5.9 بالمئة.

وفي إبريل، وافق الكونغرس الأمريكي على تخصيص 17 مليار دولار لإسرائيل ضمن حزمة المساعدات العسكرية الأجنبية البالغة 95 مليار دولار.

وقالت مصادر أمريكية رسمية تحدثت إلى رويترز، إن واشنطن أرسلت إلى إسرائيل في الفترة ما بين 7 أكتوبر و28 يونيو الماضيين، ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة من طراز “MK-84” تستخدم في قاذفات القنابل، و6 آلاف و500 قنبلة تزن الواحدة منها 227 كيلوغرامًا.

وذكرت هذه المصادر أن واشنطن أرسلت أيضاً صواريخ هيلفاير جو-أرض موجهة، وألف قنبلة خارقة للتحصينات، و2600 قنبلة صغيرة الحجم يتم إسقاطها جواً وذخائر أخرى.

وبحسب بحث أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإنه في الفترة من 7 أكتوبر 2023 إلى يوليو 2024، أقلعت 173 طائرة شحن عسكرية ومدنية من الولايات المتحدة والقواعد العسكرية الأمريكية حول العالم باتجاه إسرائيل وعلى متنها أسلحة وذخائر.

ومؤخراً ذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان يوم 26 سبتمبر الماضي، أن المدير العام لوزارة الدفاع إيال زمير وقع اتفاقا في واشنطن تحصل بموجبه تل أبيب على حزمة مساعدات حربية أمريكية بقيمة 8.7 مليارات دولار.

وفي حين بلغت قيمة صادرات الأسلحة من الدول الأوروبية إلى إسرائيل مليارات اليورو في السنوات العشر الماضية، فإن القيمة الإجمالية لتراخيص التصدير الممنوحة لإسرائيل من دول الاتحاد الأوروبي بين عامي 2014 و2022 بلغت حوالي 6.3 مليار يورو.

وفقًا لمعطيات “الحملة ضد تجارة الأسلحة” (CAAT)، وافقت الحكومة الألمانية في الفترة الممتدة بين 2015-2020 على بيع أسلحة بقيمة 1.4 مليار يورو على الأقل لإسرائيل، بينما باعت بريطانيا طائرات حربية وصواريخ ودبابات لتل أبيب في نفس الفترة. وصدرت معدات عسكرية بقيمة 426 مليون يورو، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والذخائر.

ألمانيا زادت مبيعات الأسلحة بعد 7 أكتوبر

ألمانيا باعت إسرائيل أسلحة بقيمة 326.5 مليون يورو في عام 2023، بزيادة قدرها 10 أضعاف مقارنة بالعام الذي قبله. واستمرت ألمانيا في مضاعفة مبيعات الأسلحة لإسرائيل خاصة بعد 7 أكتوبر.

وفي الأسابيع الأولى لبدء الهجمات على قطاع غزة، وافقت الحكومة الألمانية على 185 طلباً إضافياً قادما من إسرائيل بخصوص منح تراخيص لتصدير الأسلحة إلى تل أبيب.

وبحسب الحكومة الألمانية، فقد تمت الموافقة على 308 تراخيص منفصلة لتصدير المعدات العسكرية إلى إسرائيل في عام 2023، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 327 مليون يورو.

ويمثل ذلك زيادة بمقدار عشرة أضعاف مقارنة بعام 2022 الذي بلغت فيه القيمة الإجمالية للتراخيص المعتمدة 32.3 مليون يورو.

بريطانيا المورّد لإسرائيل

ووفقاً لبيانات “الحملة ضد تجارة الأسلحة”، تبيع بريطانيا معدات عسكرية لإسرائيل منذ عام 1967.

وبلغ حجم تجارة المعدات العسكرية والأسلحة من بريطانيا إلى إسرائيل في السنوات العشر الأخيرة 495 مليون جنيه إسترليني.

منحت بريطانيا 1401 ترخيصا للشركات التي تبيع الأسلحة لإسرائيل في السنوات العشر الماضية.

وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر 2023 ومايو 2024، منحت بريطانيا ما مجموعه 108 تراخيص لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

الدول الأخرى

إيطاليا التي تعد واحدة من أكبر الموردين لإسرائيل في أوروبا، قامت ببيع كميات قليلة من الأسلحة لإسرائيل في الربع الأخير من عام 2023.

وباعت إيطاليا الأسلحة لإسرائيل على الرغم من “تأكيدات الحكومة بمنع مبيعات الأسلحة في نطاق القوانين التي تحظر التصدير إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان”.

أما فرنسا فقد أرسلت إلى إسرائيل قطعاً تستخدم في المعدات الدفاعية، بما في ذلك تلك المستخدمة في نظام الدفاع “القبة الحديدية”.

ورفعت منظمات غير حكومية دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية لوقف مبيعات الأسلحة الفرنسية لإسرائيل.

كما وقعت المجر اتفاقية مع شركات إسرائيلية وألمانية في أغسطس 2023، لإنتاج مسيرات في مدينة زالاجيرسيج المجرية.

وأواخر أكتوبر الماضي، وقعت السويد اتفاقية مدتها 10 سنوات بقيمة 170 مليون دولار تقريبًا مع شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت سيستمز” التي ورد ذكرها في الهجمات على غزة.

وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة خلّفت أكثر من 138 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة، في إحدى أسوا الكوارث الإنسانية بالعالم.

وللمطالبة بإنهاء هذه الحرب، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها “حزب الله”، مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، أسفر إجمالا حتى مساء الثلاثاء عن 1873 قتيلا، بينهم أطفال ونساء، و9 آلاف و134 جريحا، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

الاخبار العاجلة