أكد عبد الكبير طبيح، محام بهيئة الدار البيضاء، ضرورة تغيير طريقة الترافع عن قضية الصحراء المغربية، والدفاع عنها، بعد إقرار فرنسا وإسبانيا بعلمهما بمغربية الصحراء، لما تملكانه من وثائق وخرائط تثبت ذلك، خلال فترة احتلالهما لمناطق في المغرب.
وتساءل طبيح، في كلمة خلال ندوة وطنية في موضوع “قضية الصحراء المغربية على ضوء التحولات الدبلوماسية والجيو سياسية”، يوم أمس الأربعاء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عما إذا كانت اللجنة الرابعة ما تزال مختصة في القضية الوطنية بعد التحولات التي وقعت أخيرا وغيرت بصفة جذرية النقاش، مما يقتضي تغيير أيضا طريقة الترافع.
ويضيف أن المغرب اليوم قطع أشواطا مهمة فيما يتعلق بتحصين القضية الوطنية منذ 2016، عندما غادر الملك المغرب وقضى فترة طويلة في إفريقيا من أجل استرجاع مقعد المغرب في الاتحاد الإفريقي، غير أن التطورات التي وقعت فيما بعد، همت بالخصوص تدفق الاعترافات الدولية بصحة قضيتنا الوطنية، والاعترافات الكبرى التي تمثلت في عدد كبير من الدول الأوروبية وأمريكا.
وأكد أن أهم تحول طرأ على قضية الصحراء لا يكمن في اعتراف إسبانيا وفرنسا بمغربيتها، بل يتجلى في كشفهما علمهما المسبق بأن الصحراء مغربية، لأن إسبانيا احتلت جنوب المغرب، وفرنسا احتلت شماله، فهما معا يمتلكان من الوثائق والخرائط الطبوغرافية وغيرها، التي تبين أن الصحراء أو أقاليمنا الجنوبية هي جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية.
وأبرز أن مواقف فرنسا وإسبانيا الأخيرة “ليست اعترافا بل كشفا لما كانتا تعلمان به منذ زمان، خصوصا وأن فرنسا عاشت بجانبنا في دولة مجاورة 130 سنة، وتملك معلومات دقيقة حول الحدود، إضافة إلى أن كل المؤرخين الفرنسيين منهم يتكلمون عن أنه في مرحلة من مراحل حصول المغرب على استقلاله تم اقتطاع أراض كبيرة من المغرب لضمها إلى ما كانت تنتظر فرنسا أن تكون الجزائر جزءا منها، بخلاف مواقف ألمانيا وأمريكا والبرتغال ودول أخرى التي يمكن اعتبارها اعترافات بمغربية الصحراء”.
ويرى أن الإعلان المتأخر لكل من فرنسا وإسبانيا عن ما كانتا تعلمان به، عطل وتسبب في إدراج القضية في اللجنة الرابعة، لتصدر قراراها رقم 1467 في يناير 1960، وما تلاه من قرار آخر رقم 1514 في السنة نفسها.
وأشار إلى أنه “في 1960 لم يكن هناك وجود لا للجزائر ولا للبوليساريو، لأن الجزائر حصلت على استقلالها في سنة 1962”.
وتطرق إلى مرحلة مهمة تتعلق بتقديم ممثل المغرب في الأمم المتحدة في غشت 1960 ضد إسبانيا من أجل تسجيل قضية الصحراء المغربية ضمن الدول التي يشملها القرار 1514، الذي صوتت عليه الأمم المتحدة الرامي إلى الإعلان عن أن كل الدول المستعمرة لها الحق في التحرر، مضيفا أن “الرسالة الأولى كانت في يناير والرسالة الثانية في غشت من سنة 1960”.
ويرى أنه “لو كشفت إسبانيا وفرنسا ما أعلناه في 2024 و2025 في سنة 1960، ما كانت لتكون القضية أصلا مسجلة في الجمعية العمومية وبالأحرى في مجلس الأمن، مما ساهم في إصدار قرارات متعددة انطلاقا من كون الأراضي محتلة”.
وسجل المتحدث ذاته أنه يجب اليوم تغيير طريقة الدفاع عن القضية الوطنية، باستحضار التحول الكبير الذي وقع بالمواقف المتخذة من الدولتين المذكورتين، اللتين أكدتا علمهما المسبق بأن الأراضي أراضٍ مغربية.
واستحضر طبيح زيارة ماكرون، وإعلان فرنسا عن نيتها في كشف ما يقارب 2.5 مليون من الوثائق التي تثبت مغربية الصحراء، مما سيمكن المؤرخين والسياسيين من الإطلاع على الحقائق، مستحضرا أيضا الزيارة الأخيرة لرئيس البرلمان الفرنسي ووزيرة الثقافة، باعتبارهما من المؤشرات الكبرى لهذا التحول.