صادق مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، على قرار يدعو إلى إيجاد حل سياسي “واقعي ومقبول” للنزاع القائم والمفتعل في الصحراء المغربية، في خطوة شملت تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لمدة عام إضافي، وهو ما رحبت به الرباط وأغضب الجارة الجزائر.
القرار، الذي قدمته الولايات المتحدة، يمدد مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية حتى 31 أكتوبر 2025، وصوت لصالحه 12 من أصل 15 عضواً في المجلس، فيما امتنعت كل من روسيا وموزمبيق عن التصويت، واحتجت الجزائر، التي رفضت تعديلات مقترحة له، بعدم التصويت.
ويشدد نص القرار على أهمية “تجديد التزام الأطراف بدفع العملية السياسية قدماً”، ويعتبر أن “الوضع الراهن غير مقبول”، وذلك في إحالة غير مباشرة للجزائر، مفتعلة النزاع ومعرقلة عملية بلوغ حل لإنهائه بعد خمسين عاماً.
نوفل البعمري، الباحث في شؤون الصحراء، اعتبر أن قرار مجلس الأمن الذي يحمل رقم 2756 يعزز من المبادرة المغربية لطي ملف الصحراء على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الأرضية الوحيدة اليوم المطروحة للمباحثات والنقاش، وذلك بعد أن أكد هذا القرار موقف مجلس الأمن الرافض لأي عودة لمرحلة ما قبل 2007.
وسجل البعمري، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن هذا الرفض كان رغم المناورات التي قام بها ممثل الجزائر، الذي برزت صدمته في الكلمة التي ألقاها بعد الموافقة على القرار، والموقف الذي وجد فيه نفسه لا هو بالممتنع ولا هو بالرافض، مشيراً إلى أن هذا الموقف من القرار يؤكد أن المغرب انتزع مكسباً سياسياً كبيراً تمثل في الحفاظ على معايير الحل السياسي التي تم اعتمادها، وفي اعتماد مبادرة الحكم الذاتي كأرضية وحيدة لطي الملف.
ولفت الباحث في شؤون الصحراء إلى أن القرار أعاد التذكير والتأكيد بمسؤولية الجزائر ومليشيا البوليساريو في الحفاظ على السلم والأمن بالمنطقة، من خلال الإشارة إلى التهديدات التي يتعرض لها أفراد بعثة المينورسو، خاصة مع الإشارة إلى موقف الجبهة الانفصالية من اتفاق وقف إطلاق النار وإعلانها الحرب على الأمم المتحدة.
وأبرز في السياق ذاته أن هذه الإشارات الصريحة للجزائر جعلتها في مواجهة مباشرة، وهي العضو غير الدائم بالمجلس، أمام مختلف الدول، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد أن قرار مجلس الأمن كرَّس الرؤية التي تم اعتمادها سياسياً لطي الملف منذ 2007، وهي الرؤية التي تعتمد على الوصول لحل سياسي ذي مصداقية متوافق بشأنه، يحقق الأمن والسلم، والذي يتبنى مختلف المعايير السياسية للحكم الذاتي.
وبخصوص الموقف الفرنسي الذي عبر عنه مندوبها بمجلس الأمن بعد التصويت على القرار 2756، اعتبره البعمري تجسيداً لما سبق أن أعلن عنه الرئيس الفرنسي بالبرلمان المغربي، كون باريس ستعمل على الدفاع عن موقفها القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء في مختلف المؤسسات الدولية، على رأسها مجلس الأمن.
وقال الباحث في شؤون الصحراء في حديثه للجريدة إن فرنسا ترجمت ما جاء في أول مناسبة أممية، مما يؤكد التزامها بالمواقف التي أعلنت عنها من ملف الصحراء، واشتغالها في إطار واضح دفاعاً عن المصالح المشتركة للمغرب وفرنسا.
وسجل المتحدث أن روسيا بالمقابل قررت أخذ مسافة من الدولة الجزائرية، بعدما كانت الأخيرة تستقوي بها بمجلس الأمن، معتبراً أن امتناع موسكو عن التصويت، ورغم أنه موقف تقليدي، إلا أن له دلالة سياسية تتلخص في اجتناب دعم الطرح الجزائري المعادي للمملكة.
وأكد أن الموقف الروسي “لا يعكس العداء للمغرب بقدر ما هو موقف شكلي ومسطري، وليس من العملية السياسية أو مضمون القرار، هنا برز التباين بينها وبين موقف النظام الجزائري الذي أظهر ارتباكاً كبيراً وواضحاً في خطاب مبعوثها الأممي الذي لم يستوعب ما حدث خلف الكواليس”.