يحتفل الشعب المغربي، في الـ25 فبراير من كل سنة، بالذكرى السابعة والستين للزيارة التاريخية التي قام بها الملك الراحل محمد الخامس إلى محاميد الغزلان، في 25 فبراير 1958، والتي تعد حدثا مجيدا يعكس الروابط المتينة والعميقة التي ما فتئت تجمع بين العرش والشعب، وكذا العزم الوطيد لاستكمال الوحدة الترابية للمملكة.
فبعد عودته المظفرة من المنفى القسري وبعد مرور سنتين من الإعلان عن استقلال البلاد وانعتاقها من ربقة الاستعمار، أكد محمد الخامس بمحاميد الغزلان العلاقات العريقة والوثيقة التي لطالما وحدت ساكنة الأقاليم الجنوبية بالملوك المغاربة ورغبة المملكة الأكيدة في استرجاع أقاليمها الجنوبية واستكمال وحدتها الترابية.
والأكيد أن هذه الزيارة الملكية الميمونة، حيث استقبل “أب الأمة” وجهاء وشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية لتجديد البيعة والولاء، كانت تعبيرا واضحا وقويا يحيل على عزم الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد على استكمال استقلاله، وحرصه على استرجاع أراضيه المغتصبة.
ويجسد هذا الحدث المجيد التمسك القوي والراسخ لأبناء الأقاليم الجنوبية بملكهم ووطنهم، حيث أبدوا اعتزازا عميقا بانتمائهم إلى الرصيد النضالي التاريخي الذي أفضى إلى الاستقلال وعودة جلالة المغفور له والأسرة الملكية الشريفة من المنفى، معبرين عن ولائهم وتمسكهم بمحرر الأمة وبالعرش العلوي.
كما كان الملك الراحل الحسن الثاني، لدى زيارته الميمونة لمحاميد الغزلان يوم 11 أبريل 1981، قد أبرز في خطابه السامي بالمناسبة المضامين السياسية لزيارة والده المنعم، متحدثا عن الدلالات التاريخية العميقة التي يرمز إليها هذا الحدث الوطني المجيد، حيث قال “إن الذاكرة ترجع بنا إلى الوراء، ترجع بنا إلى سنة 1958 حينما زاركم والدنا المنعم محمد الخامس، وإننا لنذكر تلك الزيارة باعتزاز وتأثر، نذكرها باعتزاز، لأن من هنا انطلق صوته رحمة الله عليه مطالبا باسترجاع الأراضي المغربية حتى تتم الوحدة الوطنية، ونذكرها بتأثر لأنها لم تكن صيحة في واد، بل كانت نداء وجد أعظم صدى، وكان درسا في السياسة والصبر والمصابرة ها نحن اليوم نجني ثماره”.
وتظل المعارك التي خاضها جيش التحرير بالجنوب، الذي شكل أبناء الأقاليم الصحراوية عموده الفقري، منقوشة في السجل التاريخي لهذه الأمة بمداد الفخر والاعتزاز.
وبعد جلاء المستعمر عن البلاد، عقب مقاومة شرسة من شمال المملكة إلى جنوبها، بدأت ملامح عصر جديد تتشكل، عصر الجهاد الأكبر الذي دعا إليه جلالة المغفور له محمد الخامس مباشرة بعد تحرير المملكة من نير الاستعمار: عصر بناء المغرب الجديد.
وبفضل رؤيته السياسية الاستراتيجية، أبان الملك الراحل محمد الخامس عن تبصره، وأرسى بذلك دعائم متينة لدولة ذات سيادة وديمقراطية.
ويواصل المغرب اليوم، بقيادة الملك محمد السادس، ملحمة الدفاع عن القيم المقدسة للأمة ووحدتها الترابية وبناء المغرب الحديث.
إن الاحتفال بالذكرى الـ67 للزيارة التاريخية للملك محمد الخامس إلى محاميد الغزلان يشكل فرصة للأجيال الصاعدة لاستخلاص الدروس والعبر من الأحداث البطولية التي طبعت تاريخ المملكة. كما تشكل هذه الذكرى المجيدة فرصة لتأكيد التعبئة الدائمة للشعب المغربي من أجل ترسيخ المكاسب الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.