العدوي تحذر من كلفة حظيرة سيارات الجماعات على الدولة وتوصي بعقلنة الاستغلال

هيئة التحرير14 ديسمبر 2024آخر تحديث :
العدوي تحذر من كلفة حظيرة سيارات الجماعات على الدولة وتوصي بعقلنة الاستغلال

أفاد تقرير حديث للمجلس الأعلى للحسابات بأن الممارسات المعمول بها حاليا من أجل تدبير حظيرة سيارات وآليات الجماعات الترابية تعاني من نقص الفعالية وتحول دون الاستغلال الأمثل لها، إذ تختزل دورها في كونها مجرد وسيلة نقل وتنقل “دون استحضار وظيفتها الأساسية المتمثلة في دعم ممارسة الجماعات الترابية لاختصاصاتها”.

وأوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة الداخلية بوضع إطار قانوني ومؤسساتي وتنظيمي واضح ومتكامل ومُحَدَّث ينظم تسيير حظيرة السيارات والآليات من حيث مكوناتها وأصنافها وكذلك طرق استغلالها، مع تحديد معايير واضحة وملزمة للتحديد الحصري للأشخاص المخصصة لهم بصفة فردية. كما دعا إلى توخي الاقتصاد في عمليات الاقتناء، مع إعمال كل آليات المنافسة الممكنة، بالإضافة إلى تعميم نظام السيمات وكذا تأطير عمليات التأجير طويل الأمد.

كما أوصى المجلس أيضا وزارة الداخلية بحث الجماعات الترابية على تبني سياسة اقتناء واضحة تراعي عنصري الاقتصاد والدقة من خلال اعتماد معايير دقيقة تتيح التحديد العقلاني للحاجيات من سيارات وآليات بناء على الأولويات التي تفرضها ممارسة الاختصاصات وتحقيقا للاستمرارية في تقديم الخدمات للمواطنين، وكذا على الحرص على عقلنة استغلال مكونات حظيرة السيارات.

وأكد المجلس الأعلى للحسابات أن الجماعات الترابية وهيئاتها تتوفر على أسطول مهم من السيارات والآليات والدراجات بمختلف أصنافها، بلغ مجموعها 48,495 وحدة خلال سنة 2023، مشيرا إلى أن هذا الأسطول يشكل إحدى المكونات الأساسية لوظائف الدعم التي يتعين تسخيرها من أجل ضمان السير العادي والمنظم للخدمات وتأمين استمراريتها واستدامتها وتلبية حاجيات المواطنين من مختلف خدمات المرافق العمومية مع مراعاة تحقيق مبادئ الاقتصاد والفعالية والنجاعة في تسييرها.

وفي هذا الإطار، أوضح مجلس العدوي في تقرير حديث اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، أن عدد سيارات وآليات الجماعات الترابية وهيئاتها عرف تطورا ملحوظا خلال الفترة 2016 – 2023، حيث انتقل ما بين هاتين السنتين من 24,545 وحدة إلى 36,000 وحدة بنسبة زيادة بلغت 46 في المئة مع متوسط معدل نمو سنوي بلغ 6 بالمئة.

وسجل التقرير أن نفقات التسيير المتعلقة بحظيرة السيارات والآليات خلال الفترة 2016-2022 بلغت ما يقارب 62 مليار درهم، وشكلت نفقات الوقود والزيوت أهم بند للنفقات بمبلغ 1.2 مليار درهم، أي ما يعادل 50% من مجموع النفقات، موضحا أن الأخيرة سجلت تطورا ملحوظا خلال الفترة المذكورة، إذ انتقلت من مبلغ 786 مليون درهم سنة 2016 إلى مبلغ 1,044 مليون درهم سنة 2022، أي بنسبة ارتفاع ناهزت 33 في المئة مع متوسط نمو سنوي بلغ 4.8 بالمئة.

أما نفقات التجهيز المتعلقة بحظيرة السيارات والآليات، فقد عرفت منحى متباينا خلال الفترة 2016-2022، إذ بلغ متوسطها خلال الفترة 2016-2019 ما قدره 885 مليون درهم، لتسجل انخفاضا مهما خلال سنتي 2020 و2021، بمبلغ متوسط قدره 490 مليون درهم، وذلك بفعل تداعيات الأزمة الصحية كوفيد-19. ثم عاودت هذه النفقات الارتفاع خلال سنة 2022، حيث انتقلت إلى 546 مليون درهم، أي بنسبة زيادة بلغت 9% مقارنة مع سنة 2021.

وبخصوص الإطار القانوني، أشار التقرير إلى أنه خلافا لتدبير السيارات والآليات التي تستغلها مصالح القطاعات الوزارية والذي تؤطره مراسيم ومناشير ودوريات، فإن تدبير سيارات وآليات الجماعات الترابية غير مؤطر بمنظومة قانونية متكاملة وشاملة من شأنها تحديد مكونات هذه الحظيرة، وكذا طرق استغلالها، بالإضافة إلى التحديد الحصري للأشخاص الذين يمكن تخصيص سيارات الجماعات الترابية لهم للاستعمال الفردي.

وقد أدت هذه الوضعية، بالإضافة إلى غياب أي إرشادات أو ضوابط مهنية أو تنظيمية، يؤكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى استغلال مكونات الحظيرة بشكل لا يراعي مبادئ الاقتصاد والفعالية والنجاعة، ودون استحضار أدوارها الوظيفية عند التخصيص والاستعمال.

وعلى المستوى المؤسساتي، لفت إلى أن تدخلات مختلف الأطراف ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بتدبير هذه الحظيرة، مثل الجماعات الترابية، ووزارة الداخلية، والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية، تتميز بطابعها العمودي. “إذ لوحظ في هذا الصدد غياب التنسيق وتقاسم الرؤى حول السبل الكفيلة بتحقيق تدبير مندمج وشمولي يتوخى الاقتصاد والفعالية في تدبير مجموع العمليات المرتبطة بمكونات الحظيرة، ويساهم في ترسيخ الممارسات الجيدة والفضلى في تسيير جميع العمليات المتعلقة بمراحل حياة الحظيرة”.

وبالنسبة لدور حظيرة السيارات والآليات في دعم ممارسة الجماعات الترابية لاختصاصاتها، فقد سجل تقرير مجلس العدوي ضعف استحضار الجماعات الترابية للأدوار الوظيفية للحظيرة خلال عملية الاقتناء، حيث همت الاقتناءات المنجزة بين سنتي 2016 و2023 بنسبة 77% السيارات الخفيفة ذات السياقة الداخلية والسيارات النفعية أقل من 3.5 طن، الموجهة بالأساس للاستعمالات الفردية، مقابل 23% للاقتناءات من الآليات والجرارات والسيارات النفعية أكثر من 3.5 طن الموجهة لممارسة الاختصاصات بصفة مباشرة.

ونتيجة لذلك، يوضح التقرير، “لا يتم استعمال مكونات الحظيرة بالأساس كوسيلة لدعم تنفيذ الوظائف والاختصاصات الحيوية الموكولة للجماعات الترابية، بل توجه في غالب الأحيان للاستعمال الفردي والذي لا يرتبط بالضرورة باستغلال هذه السيارات والآليات لأغراض إدارية”.

وعلى مستوى التدبير العملياتي للحظيرة، تم تسجيل مجموعة من النقائص المرتبطة بتحديد الحاجيات والاقتناء، والاستغلال والاستعمال، وإنهاء الخدمة. وأبرزها تسجيل عدم توفر أغلب الجماعات الترابية على مخطط سنوي أو متعدد السنوات للاقتناء، إلى جانب عدم استناد التوقعات المالية بالميزانية إلى الحاجيات الحقيقية من السيارات والآليات ومواصفاتها.

كما سجل التقرير المذكور أن أغلب الاقتناءات تعتمد مساطر لا تمكن من الاستفادة بشكل كبير من مزايا المنافسة قصد تقليص تكاليف الاقتناء. علاوة على ذلك، سجل لجوء متزايد وغير مقنن للتأجير طويل الأمد دون مقارنة تكاليف الاقتناء التي تتم من خلال ميزانية التجهيز مع تكاليف التأجير طويل الأمد التي تتم من خلال ميزانية التسيير، وأيضا دون دراسة أثر تكاليف عملية التأجير على مالية الجماعات الترابية المعنية.

وعلى مستوى الاستغلال والاستعمال، أبرز التقرير أنه لا يستند على نماذج التدبير السائدة إلى نظام داخلي وآليات تنظيمية ومساطر واضحة لتأطير استخدام واستغلال الحظيرة “حيث يتم التدبير بناء على قرارات فردية لا تؤطرها قوانين أو قواعد محددة، الشيء الذي قد ينتج عنه سوء استخدام مكونات الحظيرة وتوجيه استغلالها خارج الأغراض الإدارية، ويؤدي إلى الزيادة في التكاليف المرتبطة بالاستغلال”.

وفي ما يرتبط بعمليات الصيانة والإصلاح، أشار التقرير إلى أن 88% من الجماعات لا تتوفر على برنامج سنوي للصيانة والإصلاح، و96% منها لم تضع دليلا خاصا بالمساطر لهذه العمليات. كما أن 37% من الجماعات الترابية لا تتوفر على معايير للحفاظ على الأسطول من التهالك، و63% المتبقية تتوفر على معايير لا تستجيب للمعايير السلامة الضرورية.

وبخصوص مرحلة إنهاء استعمال السيارات والآليات المتهالكة وغير المستعملة، سجل التقرير بطئا في المسطرة المتبعة وتباينا في المعايير المعتمدة من جماعة ترابية إلى أخرى.

الاخبار العاجلة