لم تكد تهدأ عاصفة تصريحات أدلى بها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التي قال فيها إن بلاده منفتحة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد قيام دولة فلسطينية، حتى بدأت أخرى بعد استبدال وكالة الأنباء الرسمية ووزارة خارجية الجارة لـ”الكيان الصهيوني” بإسرائيل، وهو ما يؤكد أن النظام يحاول الاستنجاد للخروج من العزلة التي سقط فيها.
وفي حوار مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية نُشِرَ بداية الأسبوع الجاري، قال الرئيس الجزائري إن بلاده “ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة”مشيراً إلى أن ذلك يتسق مع موقف سلفيه الرئيسين الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة.
تبون أيضا خلال الحوار نفسه، شرح بالفعل أن بلاده ليس لديها مشكلة مع إسرائيل، لتصدر وزارة الخارجية الجزائرية بعدها بأيام، بلاغا تتحدث فيه عن حل الدولتين، وتصف الصراع بالعربي الإسرائيليي، متهربا من التنديد بجرائم إسرائيل بغزة.
وليد كبير، الصحفي والمعارض الجزائري، اعتبر أن تصريحات تبون بخصوص التطبيع موجهة للإدارة الأمريكية بدرجة أولى، لأن رجوع ترامب للبيت الأبيض أصاب النظام الجزائري بالرعب وأضحى متخوفا بشدة من التنزيل الفعلي للاتفاق الثلاثي الذي تم التوقيع عليه في دجنبر 2020، ومن تم الدفع نحو حسم ملف الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن لصالح المغرب.
وقال كبير، في تصريحات لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن “النظام الجزائري يرى بعين الريبة هذه التطورات ولهذا يبعث تبون رسالة للإدارة الأمريكية مفادها أن الجزائر منفتحة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ ليس كما قال هو في حال إنشاء دولة فلسطينية، بل في حال تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمها للمغرب وعدم حسم الملف على مستوى مجلس الأمن لصالح المغرب”.
وسجل المتحدث أن النظام الجزائري استنفذ كل أوراقه وخسر كل ما كان يملكه وما بقي له هو التطبيع مع إسرائيل، معتبرا أن “الحوار مع ‘لوبينيون’ هو محاولة من قبل النظام الجزائري للخروج من العزلة الإقليمية والدولية التي أضحى يعاني منها ونتج عنها مشاكل متعددة، مع دول الجوار تارة ومع إسبانيا وفرنسا ودول أخرى عديدة تارة أخرى”.
وأكد أن كل ذلك جعل الجزائر تدخل عزلة وجعل الدبلوماسية الجزائرية تحصد الهزائم الواحدة تلو الأخرى، لافتا إلى أن الحوار وكل تحركات الخارجية الجزائرية مردها إرسال رسائل للغرب ولفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، مبرزا أن النظام يبحث عن طوق نجاة قصد الاستنجاد بمن يعتبرهم النظام الجزائري الداعمين الرئيسيين له في استمرار وجوده وحكمه للجزائر.