على رقعة من الرمال في خان يونس، يساعد مدرّب الملاكمة أسامة أيوب فتيات نازحات على التخلص من المخاوف التي تراكمت في نفوسهن خلال تسعة أشهر من الحرب المرهقة، من خلال تدريبهن على ممارسة رياضة الملاكمة.
ويشجّع أيوب فتاةً تلكم وسادة خضراء مثبّتة على صدره لعدم توفّر الوسادة الخاصة برياضة الملاكمة.
ويقول في حديث إلى وكالة فرانس برس إنّ “الصعوبات التي نواجهها تكمن في نقص المعدّات”، مضيفاً: “ليست لدينا قفازات ملاكمة أو أحزمة تدريب أو أي معدّات. في حوزتنا فقط بساط نتدرّب عليه”.
ويتابع: “أدرّبهنّ على اللكم من دون قفازات. أشعر بألم في يديّ لكن علينا مواصلة التدريب”.
وفرّ أيوب من مدينة غزة إلى رفح المحاذية للحدود المصرية، بعدما دُمّر منزله وناديه الرياضي.
ويقول: “واصلتُ التدريب على الملاكمة داخل المخيّمات والمدارس في رفح”.
وفي هذه الأماكن ومخيّمات أخرى مجاورة، صادف تلميذات مليئات بالطاقة الإيجابية يَتُقن إلى ممارسة الملاكمة.
ويوضح: “كنّ يطلبن منّي منذ فترة طويلة أن أعلّمهنّ الملاكمة، ولحسن الحظ هنّ سعيدات اليوم”.
كانت ابنة أخيه بيلسان أيوب (17 عاما) تمارس الملاكمة قبل أن تجبرها الحرب وتلميذات أخريات على التنقّل في أنحاء غزة.
تقول بيلسان: “كنت أتدرّب في ناد رياضي يضمّ معدات وأدوات تساعدنا على ممارسة الملاكمة”، مضيفةً: “لقد دمّرت الحرب النادي بشكل كامل”.
وتتابع: “عندما نزحنا إلى الجنوب، أحجمنا عن ممارسة الملاكمة لفترة طويلة، لأننا تفرّقنا وكلّ شخص لجأ إلى منطقة معيّنة. ثم جمعنا المدرّب أسامة وساعدنا على استئناف الملاكمة”.
وتشير إلى أنّ هذه الرياضة “تساعدنا على التخلص من الطاقة السلبية والتعب الذهني ومختلف الجوانب المرهقة في حياتنا”.
وللإحماء قبل البدء بالتدريب، تقف الفتيات في خطوط متوازية لإجراء بعض التمارين. ثم تبدأ الصغيرات منهنّ بلكم المدرب على راحتي يديه، بينما توجّه الفتيات الأكبر سنّاً لكمات إلى وسادة خضراء يضمّها إلى صدره.
لكنّ الحرب ليست بعيدة مطلقاً. ويبدي أيوب خشيته من أن تطال غارة إسرائيلية في أي لحظة صفّهم المُقام في الهواء الطلق.
ويقول: “لا أمان في أي مكان”.
ويأمل مستقبلاً بإعادة تشغيل ناديه الرياضي، وتدريب تلاميذ للمشاركة في مسابقات دولية.
وحتى تحقيق هذه الأهداف، يعلّم الفتيات كيفية توجيه لكمات مباشرة، ويمنحهنّ موضوعاً للتفكير غير الصراع وتداعياته.