إبادة وخطط تهجير.. فلسطينيو غزة تحت العواصف والأمطار

هيئة التحرير8 فبراير 2025آخر تحديث :
إبادة وخطط تهجير.. فلسطينيو غزة تحت العواصف والأمطار

قضى آلاف الفلسطينيين بقطاع غزة ليلة قاسية جراء العواصف الشديدة التي اقتلعت خيامهم المهترئة وأبقتهم في العراء يحاولون لملمة ما تبقى من تلك الخيام لإعادة ترميمها مع بزوغ الصباح.

ولليوم الثالث، يتأثر قطاع غزة بمنخفض جوي مصحوب بعواصف شديدة وأمطار غزيرة تضرب الأراضي الفلسطينية منذ مساء الأربعاء، بحسب الأرصاد الجوية.

هذه الخيام هي مكان الإيواء الوحيد الذي تبقى لآلاف الفلسطينيين بعدما دمرت إسرائيل على مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة الجماعية منازلهم ولم يجدوا ملاذا بديلا عنها.

ووصف فلسطينيون هذه الليلة بـ”الأقسى والأصعب” جراء شدة العواصف التي رافقت المنخفض الجوي، قائلين: “العقل لا يمكن تخيل الصعوبات التي واجهناها”.

ورغم غرق بعض الخيام وتمزق وتطاير بعضها، إلا أن الذين فقدوا منازلهم وآخر فرصة للإيواء يجددون رفضهم لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاستيلاء على قطاع غزة وتهجيرهم منه.

وقال بعضهم للأناضول إن “الفلسطينيين كالأسماك وغزة بحرهم فإن خرجوا منها يموتون، لذا فإنهم صامدون على أرضهم رغم التشرد والمعاناة”.

وفاقم المنخفض الجوي من معاناة النازحين الفلسطينيين في الخيام ومراكز الإيواء حيث يعيشون ظروفا إنسانية متردية جراء نقص الموارد الأساسية والمستلزمات اليومية.

الخيمة تطير

على شاطئ البحر جنوب قطاع غزة، يلملم أبو جمال خليفة بقايا خيمته التي مزقتها العواصف الشديدة خلال ساعات الليل، وتسببت بتطاير أجزاء كبيرة منها.

وكان خليفة (54 عاما) مر خلال أشهر الإبادة بنحو 10 رحلات نزوح آخرها كانت قبل نحو 6 شهور لشاطئ البحر في ظل ظروف إنسانية قاسية جدا.

يقول خليفة للأناضول: “خلال ساعات الليل، لم تتحمل الخيمة ضغط الهواء، فتمزقت وطارت”، ليبقى وأفراد 3 عائلات كانت تؤويهم هذه الخيمة في العراء في مواجهة البرد القارس والأمطار.

ويتابع مبينا أن الرياح تسببت بتطاير نصف المستلزمات التي كانت داخل الخيمة من فراش وأغطية.

وأوضح أنه وعلى مدار سنوات حياته لم يعش ليلة قاسية كهذه جراء المنخفض الجوي، موضحا أن العواصف كان تحمل معها رمال البحر الناعمة وتنثره بكثافة على أطفاله ما كان يزيد من صعوبة الظروف.

وأشار إلى أن تطاير الخيمة يفاقم من معاناتهم خاصة وأنها كانت تؤوي ابنته المريضة في الكلى ونجله الذي يعاني من آلام في عموده الفقري، فضلا عن ابنته الأرملة التي قُتل زوجها خلال الإبادة.

رفض الهجرة رغم الدمار

ورغم المعاناة الشديدة التي ترهق كاهل الفلسطيني خليفة، إلا أنه يصر على تمسكه بأرضه التي تقع ضمن المنطقة التي لم يسمح لهم بالعودة لها بعد، ويرفض مخططات التهجير منها.

ويقول خليفة: “رغم الدمار الذي لحق بالمنازل إلا أننا سننصب خياما ونعيش فيها، لن نهاجر طواعية من القطاع، لن نهاجر إلا لو أبادونا، أما أن نهاجر بإرادتنا فهذا صعب”.

واستكمل قائلا: “كيفما يعيش السمك في المياه وحينما يخرج يموت، ونحن كذلك أهل غزة لا نعيش خارجها”.

وفي مدينة دير البلح وسط القطاع، تقول سيدة مسنة (80 عاما) فضلت عدم نشر اسمها، إنها نازحة من منطقة الشيخ زايد بمحافظة الشمال.

وتضيف أنها قضت ساعات الليل وهي تمسك بأحد الأعمدة الخشبية التي تثبت خيمتهم بالرمال، قائلة إن الأرض كأنها اهتزت جراء العواصف والرياح.

وتعبر المسنة الفلسطينية عن رفضها الهجرة خارج قطاع غزة، لافتة إلى أنها تفضل البقاء في الخيام القماشية عن الهجرة إلى الخارج.

ورغم الدمار وحياة الخيام القاسية، تستكمل قائلة: “لا نخرج من غزة، هذه بلادنا، نحن صامدون فيها ولا نقبل بالهجرة لمصر أو الأردن”.

وتشير إلى أن الفلسطينيين سيعيدون إعمار غزة وإن كان بعملية بطيئة بوضع حجر فوق حجر.

وفي السياق، شدد أحمد شمالي على رفضه لكافة خطط التهجير إلى خارج قطاع غزة، داعيا الفلسطينيين إلى الصمود والبقاء حتى وإن كان في خيمة.

غرق شوارع وخيام

بدوره، يقول الشاب خالد الأيوبي إن خياما وشوارع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة غرقت بمياه الأمطار التي رافقت المنخفض الجوي، فيما تطايرت الخيام.

ويضيف للأناضول، أن العواصف الشديدة تسببت بتطاير ألواح الصفيح المعدني “الزينكو” التي كانت تؤوي عائلات فلسطينية.

ويوضح الأيوبي أن الأرض جراء دمار البنى التحتية خلال أشهر الإبادة وغرقها بمياه الأمطار أصبحت وعرة من الصعب المشي فيها.

من جانبه، يطالب أحد الفلسطينيين، مفضلا عدم نشر اسمه، بضرورة وجود حل للنازحين الذين فقدوا منازلهم ويعيشون مآس متجددة مع كل منخفض.

ويتابع: “حياتنا مأساوية، منازلنا تم تدميرها، وأبناؤنا قُتلوا واعتُقلوا ولم يبق شيء”.

وعن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بتهجير الفلسطينيين، قال: “هذا حل أسوأ من السيء”.

وعلى مدار أشهر الإبادة، لجأ فلسطينيون إلى مدارس ومراكز صحية وملاعب وخيام مصنوعة من القماش بعدما دمر الجيش الإسرائيلي مناطق سكنهم ومنازلهم.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن إسرائيل دمرت نحو 88 بالمئة من البنى التحتية بقطاع غزة بما فيها من منازل ومستشفيات ومدارس ومنشآت حيوية وخدماتية.

ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن المكتب الحكومي يقول إن إسرائيل لم “تلتزم بتعهداتها حيث تماطل وتعرقل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والإيوائية التي يحتاجها الفلسطينيون بصورة عاجلة”.

وأضاف في بيان الاثنين، كان من المفترض إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة للقطاع من أجل استيعاب النازحين الذين دمر الجيش الإسرائيلي منازلهم ووحداتهم السكنية.

وأشار إلى أن المماطلة الإسرائيلية “تفاقم الأزمة الإنسانية وتضاعف معاناة السكان المدنيين في قطاع غزة”، محذرا من تداعيات خطيرة وغير مسبوقة مترتبة على ذلك.

وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

الاخبار العاجلة