أمر اعتقال نتنياهو وجالانت.. ماذا بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية؟

هيئة التحرير27 نوفمبر 2024آخر تحديث :
أمر اعتقال نتنياهو وجالانت.. ماذا بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية؟

أثار إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين، تساؤلات بشأن التبعات القانونية للقرار وإمكانية تنفيذه.

وذكر خبراء قانون دولي وحقوقيون أن 123 دولة مطالبة بتنفيذ قرارات المحكمة حال تواجد أي من المتهمين على أراضيها أو عبور مجالها الجوي، لكنهم قللوا من إمكانية حدوث ذلك لغياب قدرة المحكمة الجنائية الدولية على إلزام الدول باتخاذ تلك الخطوة، ونبهوا في الوقت نفسه إلى إمكانية عقد محاكمة غيابية إذ تعثر القبض عليهما.

وقال الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت، والعميد في الجامعة الدولية للأعمال، ومقرها مدينة ستراسبورج الفرنسية، إن 123 دولة مصادقة على نظام روما الأساسي، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ستكون ملزمة بتطبيق أوامر الاعتقال، لكنه رجح عدم امتثال العديد من الدول لاعتبارات سياسية.

وأضاف مرقص أن عدم تنفيذ الدول الأعضاء في المحكمة لقرارات الاعتقال “لن يترتب عليه أية نتائج قانونية مباشرة”، واستدرك: “إلا أنها ستبدو بأنها لا تفي بالتزاماتها الدولية”.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند “غير ملزمة بتطبيق قرار التوقيف”، لأنها “غير موقعة على نظام روما”، مشيراً إلى أنه من بين الدول الأعضاء في المحكمة نحو 33 دولة إفريقية، و19 دولة من الشرق الأوسط، و28 من أميركا اللاتينية، و25 دولة أوروبية.

من جانبه، قال البروفيسور غبريال صوما، أستاذ القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إن المحكمة الجنائية الدولية لن تكون قادرة على فعل أي شيء لإجبار دولة على توقيف نتنياهو أو جالانت، واستشهد بمذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي لم تمنعه من السفر عدة مرات دون اعتقاله.

وأوضح صوما أن إسرائيل غير مطالبة بتسليم نتنياهو وجالانت لأنها “لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية وبقراراتها”، مشدداً على أن “الحالة الوحيدة التي يمكن أن يتم فيها إلقاء القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير دفاعه هي السفر إلى دولة عضو في المحكمة على أن تكون ملتزمة بتنفيذ القرار”.

وعيد أميركي
وأعلنت دول مثل بريطانيا وإيطاليا التزامها بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رفضت هذه الخطوة، كما توعد مايك والتز المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب بـ”رد قوي” ضد المحكمة في يناير.

ونظراً إلى كون الولايات المتحدة غير موقعة على نظام روما الأساسي، ولا تعترف بقرارات المحكمة، لفت صوما إلى أن “ترمب قد يلجأ عند تنصيبه في يناير المقبل إلى اتخاذ إجراءات ضد قضاة المحكمة والمدعي العام، على غرار وضع اليد على أموالهم المنقولة وغير المنقولة في البنوك الأميركية، ومنعهم من السفر إلى الولايات المتحدة”.

وفي تصريحات سابقة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إن الولايات المتحدة “تشعر بقلق عميق إزاء اندفاع المدعي العام للمحكمة (كريم خان) في السعي إلى إصدار أوامر اعتقال، وإزاء الأخطاء الإجرائية التي أدت إلى القرار”، بحسب زعمه.

هل يمكن إجراء محاكمة غيابية؟
وقال الدكتور محمد الشيخلي، مدير المركز العربي للعدالة، ومقره بريطانيا، في تصريحات لـ”الشرق”، إن جميع الدول المنضوية تحت اتفاقية نظام روما الأساسي لعام 1998، ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية في كل مراحلها، ومنها ضرورة إلقاء القبض على الشخص المتهم الصادر بحقه قرار إلقاء القبض.

وأضاف: “جميع الدول تتحمل مسؤولية تنفيذ القرار، وهذا ينطبق حتى على الدول التي تمر من خلال أجوائها طائرة يستقلها نتنياهو أو وزير دفاعه السابق”.

وذكر أنه “في حالة إلقاء القبض عليهما أو أحدهما، فإن الدولة التي نفذت القرار ملزمة بترحيل المتهمين إلى مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وبالتنسيق مع مكتب الادعاء العام في المحكمة”.

أما في حالة عدم حضور المتهمَين إلى المحكمة طوعاً أو في حالة استحالة تنفيذ قرار أمر القبض بحقهما، أوضح الشيخلي أنه “يجوز إجراء محاكمة غيابية، على أن تتوفر جميع ضمانات الدفاع للمتهم، ومنها تكليف محامي لتمثيله أمام المحكمة، وفي حالة عجزه عن توكيل ممثل قانوني عنه يجوز للمحكمة أن تنتدب محام للدفاع عنه، وذلك استناداً إلى أحكام المادة (61 / 1 و2 – أ و ب) من اتفاقية روما”.

وتؤكد الفقرة الأولى من المادة (61) لنظام روما الأساسي، أنه يجوز لدائرة ما قبل المحاكمة, بناء على طلب المدعي العام أو بمبادرة منها، عقد جلسة في غياب الشخص المنسوبة إليه التهم، من أجل اعتماد التهم التي يعتزم المدعي العام طلب المحاكمة على أساسها, ويكون ذلك في الحالات التالية :

أ ـ عندما يكون الشخص تنازل عن حقه في الحضور.

ب ـ عندما يكون الشخص فر أو لم يمكن العثور عليه، وتكون كل الخطوات المعقولة لضمان حضور الشخص أمام المحكمة ولإبلاغه بالتهم وبأن جلسة ستعقد لاعتماد تلك التهم.

وفي هذه الحالة يمثل الشخص بواسطة محام حيثما تقرر دائرة ما قبل المحاكمة أن ذلك في مصلحة العدالة.

وذكرت المحكمة، في بيان رسمي تزامناً مع إعلان القرار، الخميس، أنها وجدت أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو، المولود في 21 أكتوبر 1949، وجالانت، المولود في 8 نوفمبر 1958، يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللا إنسانية.

الاخبار العاجلة