بدت بوادر انفراج الأزمة بين الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين ووزارة العدل بعد جلوس الطرفين على طاولة الحوار لمناقشة الملف المطلبي للمفوضين القضائيين وعلى رأسها “تجويد” مشروع قانون تنظيم المهنة بالإضافة إلى “ضمان استقلالية المفوض القضائي عن أي جهة”، على أن تستأنف يوم الجمعة المقبل المفاوضات بين الطرفين لتوقيع محضر اجتماع في حال التوفق على جميع النقاط الخلافية.
وخاضت هيئة المفوضين القضائيين خطوات احتجاجية ضد وزارة العدل خلال الأسابيع الماضية، وذلك بعد “انفراد” الأخيرة بتمرير مشروع قانون تنظيم مهنة المفوض القضائي أمام أعضاء المجلس الحكومي “دون التوافق حول مضامينه مع المعنيين به”، وهو ما واجهه المهنيون بتعليق التبليغ في القضايا الجنحية والجنائية قبل أن يتراجعوا عليه بعد استدعائهم إلى طاولة الحوار.
محمود أبو الحقوق، رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين بالمغرب، قال إنه “بعد نجاح الإضراب الذي كان مقررا في البرنامج النضالي وعلى هامش الوقفة الاحتجاجية التي قمنا بها الإثنين الماضي، فتحت معنا وزارة العدل حوارا انطلق صباح نفس اليوم واستمر حتى يوم الثلاثاء على أن نواصل لقاءاتنا الأربعاء إلا أنها تأجلت إلى يوم الجمعة”.
وعن مخرجات اللقاء الأول بين ممثلي المفوضين القضائيين ووزارة العدل الذي تم يوم الإثنين الماضي، أوضح أبو الحقوق، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أنه “اللقاء الأول تم مع الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان وبحضور الكاتب العام لوزارة العدل ومدير الشؤون المدنية”، مشيرا إلى أنه “كان بمثابة لقاء تحضيري قبل الجلوس مع الوزير المعني وبمثابة مساع لتقريب وجهات النظر”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “هذه المبادرة لقت استحسان المفوضين القضائيين بلقائنا مع وزير العدل يوم الثلاثاء الماضي”، مشددا على “أننا ناقشنا بشكل جدي الخطوط العريضة لملفنا المطلبي برمته على الرغم من أننا نعتبر أن ما هو مستعجل اليوم هو تجويد مشروع قانون تنظيم المهنة الذي صادق عليه مجلس الحكومة بالإضافة إلى مشروع المسطرة المدنية”.
وأورد رئيس الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين “أننا بدأنا الحوار على أرضية هذين المشروعين المهمين على أساس أن يستمر في باقي القضايا التي يتضمنها الملف المطلبي الخاص بهذه الفئة”.
وعن أهم النقاط العالقة في ملف المفوضين القضائيين، أشار أبو الحقوق إلى “قانون الأتعاب وتنظيم انتقالات المفوضين القضائي وانعقاد لجنة الانتقالات بالإضافة إلى تفعيل الاتفاقية مع وزارة العدل حول تنفيذ الغرامات المالية”، مشددا على “أن الوزارة لها استعداد لمناقشة هذه الأمور”.
وفي ما يتعلق باستقلالية الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، سجل المتحدث ذاته “أننا نتشبث بمبدأ استقلالية مهنة المفوض القضائي بحكم أنها أصبحت مكسباً”، مؤكدا أن “المفوضين لا يطالبون بالاستقلالية عن القانون أو الدستور بقدر ما نقصد بالاستقلالية بأنه لا يجب لأي جهة أن تتدخل في عمل المفوض القضائي أو التأثير على القرارات الداخلية للهيئة”.
وزاد شارحاً: “يجب أن يتمتع المفوض القضائي بالاستقلالية عندما يقوم بإجراءات التنفيذ مثله مثل القاضي الذي يبت في ملفاته ويصدر أحكامهم باستقلال تام عن أي جهة”، مسجلا أنه “نفس الشيء هو الذي نريده لمهنة المفوض القضائي بأن يمارس مهامه وينفذ الأحكام القضائية والقرار والسندات القضائية باستقلالية”.
وأورد أبو الحقوق أن “النقاش مع الوزارة سيستمر يوم الجمعة المقبل وسيتمر توقيع محضر اجتماع إذا تم الاتفاق على جميع القضايا العالقة التي ترفعها هيئة المفوضين القضائيين”.
ولفت المصرح نفسه إلى أن “إشكالية تأديب المفوضين القضائيين من بين النقاط البارزة التي لابد أن نجد لها حلا مستعجلا”، مشيرا إلى أنه “سبق أن اتفقنا على صيغة لتأديب المفوض إذا ثبت ارتكابه لأخطاء مهنية أو مخالفات مهنية بمجموعة المواد التي تهدف أساساً إلى إشراك هيئة المفوضين في هذه العملية”.
وسجل رئيس الهيئة أنه “مع الأسف تم التشطيب على كل المواد التي اتفقنا حولها مع الوزارة في المشروع الحالي المحال على رئيس الحكومة”، مشيرا إلى أنه “حافظ على شكل التأديب السابق وهو ما نطالب بتجويده بإشراك الهيئة الوطنية والمفوض القضائي بصفة عامة في التأديب”.
ولفت أبو الحقوق إلى “تأخر تقنين مسألة إنشاء شركة مهنية للمفوضين القضائيين”، مبرزا أنه “سبق أن اتفقنا مع وزارة العدل على أن ينص قانون تنظيم المهنة الجديد على إمكانية تأسيس شركة مهنية وتنظيم ممارسة المهنة في شكل شركة مهنية تضم عددا من المفوضين القضائيين كما هو الحال في المحاماة”.
وأشار المصرح نفسه إلى “القصور التشريعي الذي يعتري حماية المفوضين القضائيين بحكم ما يتعرضون له من اعتداءات وتجاوزات في بعض الأحيان أثناء ممارسة مهامهم”، مسجلا أنه “قدمنا مجموعة من الاقتراحات للوزارة وعلى رأسها الاستعانة بآلة التسجيل صورة وصوتا أثناء ممارسة مهامه”.