أبرز الأحزاب المتنافسة في انتخابات البرتغال

هيئة التحرير13 مايو 2025آخر تحديث :
أبرز الأحزاب المتنافسة في انتخابات البرتغال

رغم أن التنظيم الدستوري للعمل الحزبي بالبرتغال فسح المجال للتعددية السياسية، وفتح الباب على مصراعيه لتأسيس عدد منها، فلا تزال الأحزاب السياسية التي كانت شريكة في تحقيق الانتقال الديمقراطي تشكل النواة الأساسية للنظام الحزبي بهذا البلد.

ويتعلق الأمر بالحزب الاجتماعي الديمقراطي، والحزب الاشتراكي اللذان تناوبا على السلطة سواء بشكل منفرد أو من خلال تحالفات، ورغم التباعد الأيديولوجي والسياسي بينهما، فإنهما لم يترددا، في بعض الفترات، في تشكيل تحالف في حكومة واحدة، كما جرى بين عامي 1983 و1985 حين قاد الاشتراكي ماريو سواريس ائتلافا حكوميا ضم الحزبين معا.

وخلال الانتخابات المبكرة التي جرت في مارس 2024، تمكن الحزب الاجتماعي الديمقراطي من العودة إلى سدة الحكم بعد تحالفه ضمن إطار “التحالف الديمقراطي”، الذي يضم قوى من يمين الوسط، متفوقا على الحزب الاشتراكي الذي غادر السلطة بعد ثمانية أعوام متواصلة. وقد أوكلت مهمة تشكيل الحكومة إلى زعيم الحزب لويس مونتينيغرو، غير أن غياب أغلبية برلمانية مطلقة جعله يواجه وضعا سياسيا هشا، سرعان ما أدى إلى سقوط حكومته في أقل من عام، عقب فشلها في نيل الثقة خلال تصويت جرى في مارس 2025

وإلى جانب هذه الأحزاب، يتشكل المشهد الحزبي بالبرتغال من تشكيلات سياسية أخرى تحسب على اليسار أو على اليمين، وتتفاوت من حيث أهميتها وتأثيرها، من أبرزها حزب كتلة اليسار الذي تأسس في التسعينيات من القرن العشرين بمبادرة من عدد من الجمعيات والشخصيات المحسوبة على اليسار الراديكالي، وتمكن خلال أول انتخابات تشريعية شارك فيها من الظفر بتمثيلية داخل البرلمان وحافظ عليها إلى غاية مارس الماضي.

ورغم أن حزب كتلة اليسار تمكن في الانتخابات التشريعية لعام 2019 من تحقيق نتيجة لافتة باحتلاله المركز الثالث بنسبة 9,52 بالمائة من الأصوات، خلف الحزبين الرئيسيين، الاشتراكي والاجتماعي الديمقراطي، إلا أنه تعرض لانتكاسة واضحة في استحقاقات 2024، حيث تراجع إلى المركز الخامس مكتفيا بـ4,46 بالمائة فقط من الأصوات.

ولم يتخلف عن هذا المسار إلا الحزب الشيوعي، أبرز الأحزاب التي قادت ثورة القرنفل، حيث ظل حضوره الانتخابي ضعيفا ولا يكاد يتجاوز حدود الحصول على تمثيلية داخل الجمعية الوطنية الجمهورية.

ويُضاف إلى المشهد البرلماني حزب “أشخاص – حيوانات – طبيعة” البيئي، الذي نجح في الحصول على تمثيل برلماني خلال انتخابات 2019 و2022، إلا أن حضوره تضاءل لاحقا، بينما حافظ حزب “المبادرة الليبرالية” على موقعه كقوة ليبرالية تنشط في قضايا الحريات والسوق الحرة، وحقق نتائج مهمة في 2024، حيث احتل المركز الرابع بعد حصوله على نسبة 5,08 من الأصوات، مما يجعله شريكا محتملا في أي تشكيلة حكومية في المستقبل.

أما المفاجأة السياسية الكبرى خلال السنوات الأخيرة فتمثلت في صعود حزب اليمين المتشدد “شيغا” بقيادة أندريه فانتورا، الذي حصل في انتخابات 2022 على 12 مقعدا و7,8 بالمائة من الأصوات، وتمكن في انتخابات 2024 من تعزيز موقعه كثالث قوة سياسية في البلاد بحوالي 18 بالمائة من الأصوات و48 مقعدا في الجمعية الوطنية الجمهورية، مما جعل تأثيره السياسي والانتخابي محوريا في أي سيناريو حكومي.

وبحسب المراقبين للحياة السياسية والانتخابية البرتغالية، فإن هذا الحزب في طريقه إلى تكريس نفوذه السياسي والانتخابي خلال تشريعيات الأحد المقبل، إن لم يحقق مفاجأة غير متوقعة.

ويُجمع المهتمين بالشأن السياسي على أن صعود هذا الحزب يرتبط بعدة عوامل، منها ضعف ثقة الناخبين في الأحزاب التقليدية، والتحديات المرتبطة بالهجرة والهوية الوطنية، إضافة إلى دينامية اليمين المتطرف في أوروبا ككل. ويُضاف إلى ذلك ما عرفته الأحزاب الكبرى من أزمات داخلية أو ملفات أخلاقية شائكة، كما حدث مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته لويس مونتينيغرو، الذي قدم استقالته على خلفية شبهات تضارب مصالح.

وفي ظل هذا السياق السياسي المعقد الذي يتسم بتحالفات غير مستقرة، تدخل البرتغال انتخابات 2025 على وقع رهانات كبرى تتعلق بإمكانية تحقيق استقرار حكومي طال انتظاره، في مواجهة مشهد حزبي مجزأ وتحولات لافتة في المزاج الانتخابي. ورغم رسوخ الطابع الديمقراطي لمؤسسات الدولة، فإن تكرار الدعوة إلى انتخابات مبكرة يثير تساؤلات متجددة حول قدرة النظام الحزبي على التكيف مع الديناميات الجديدة وعلى إنتاج أغلبيات حاكمة مستقرة.

الاخبار العاجلة