في 20 يناير المقبل، سيشرع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وحكومته الجديدة في إدارة البلاد، لتبدأ مرحلة جديدة في علاقات واشنطن مع دول العالم، وضمنها المغرب، وهو ما يجعل الكثيرين يراهنون على هذه الفترة لتطوير العلاقة بين الرباط وواشنطن في مختلف المجالات، ولكن في نفس الوقت تطرح أسئلة حول مدى تأثيرها على علاقتها مع الصين وإيران وإسرائيل.
حسن بلوان، الباحث في العلاقات الدولية، قال إنه وقبل الحديث عن مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن بعد عودة ترامب، لابد من التمييز بين مأسسة العلاقات المغربية الأمريكية الوثيقة والمتجدرة والاستراتيجية وبين النظرة الشخصية للرؤساء الأمريكيين للعلاقات مع المغرب باعتباره حليفا وشريكا متقدما، مما فرض تقاليدا دبلوماسية على الديمقراطيين والجمهوريين دون أن تمس العلاقات بين البلدين تغييرات جوهرية.
وبالعودة إلى مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن بعد فوز ترامب، يرى بلوان في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية أنها ستنضبط لنفس الضوابط الدبلوماسية السابقة، مع تسريع ديناميكيتها في عهد ترامب خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، انطلاقًا من الموقف القوي والشجاع باعترافه بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في آخر ولايته الرئاسية السابقة.
وسجل في حديثه للجريدة أن هناك ورشًا أمريكيًا مغربيًا ضمن اتفاق ثلاثي لابد أن يستكمل فصوله الدبلوماسية من حيث تطوير العلاقات السياسية والدبلوماسية أولًا، وتسريع وتيرة الحل النهائي للنزاع المفتعل ثانيًا، وفتح تمثيلية دبلوماسية أمريكية بمدينة الداخلة التي لم تكتمل لأسباب تقنية كما ادعت إدارة بايدن.
واعتبر أن مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية سيحافظ على نفس وتيرة التطور في جوانبها الشاملة سياسيا واقتصاديًا وعسكريًا وأمنيًا، لافتا إلى أن الرباط تعول كثيرًا على الرئيس ترامب لاستكمال الأوراش الدبلوماسية الكبرى في إطار المصالح المتبادلة للبلدين.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث أنه لابد من استحضار مجموعة من المحددات التي ستحدد تعامل الرئيس ترامب في تدبير علاقاته مع المغرب، منها ما هو متعلق بشخصيته الميكيافيلية التي تعلي شأن المصالح، بالإضافة إلى أنه سيكون متحررًا من هواجس والتزامات الولاية الثانية، ومنها ما هو مرتبط بإدارته المرتقبة ومدى نجاحه في اختيار فريق العمل المناسب لمصالح المغرب، خاصة فيما يتعلق بهذه النقاط الحساسة: (الأمن القومي، السياسة الخارجية، الدفاع، والمخابرات، ثم المندوب في مجلس الأمن).
أما فيما يتعلق بتطور العلاقات المغربية الأمريكية في عهد ترامب وتأثيره على علاقات المملكة مع باقي القوى الدولية في الشرق، فيؤكد أن الدبلوماسية المغربية نجحت بشكل دقيق في تحقيق التوازن بين الشرق والغرب، مبرزًا أن استراتيجية الملك في تنويع الشركاء الاستراتيجيين بدأت تعطي ثمارها من خلال تطوير علاقاتها مع الصين التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، كما استطاعت أن تخرج بذكاء الموقف الروسي من داعم لأطروحة الانفصال إلى منطقة رمادية تنهج الحياد الإيجابي.
أما بخصوص إيران، فيشير الباحث في العلاقات الدولية إلى أنها غير معنية وغير جدية حاليًا بتطبيع علاقاتها مع المغرب وباقي الدول العربية بفعل الضعف والترهل الذي أصابها بعد الضربات الإسرائيلية في لبنان وحتى في الداخل الإيراني، موضحًا أن عراب التقارب الإيراني العربي وزير خارجيتها الأسبق عبد اللهيان المعروف بنزوعه المعتدل سقط في حادث الطائرة المأساوي في يونيو الماضي صحبة رئيس البلاد.
وأضاف “ورغم ذلك المغرب لا يتدخل في شؤون الدول الداخلية ما لم تعارض مصالحه الاستراتيجية وسيادته وحدته الترابية، لكن إيران تنهج سياسة مفضوحة داعمة للانفصال ومزعزعة للاستقرار في مجموعة من الدول العربية ومنها المغرب بشكل تجاوزت فيها جميع الأعراف الدولية، ورغم ذلك يستفيد المغرب من تحجيم الدور الإيراني بما يفرضه عليها الرئيس ترامب من عقوبات أو ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية تلتزم بها بالشرعية الدولية”.
وفيما يتعلق بإسرائيل، فاعتبر أن المغرب لا يمكن أن يساوم في نصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الجماعية لأزيد من عام، مهما بلغت الضغوط والتحديات المرتبطة بقضية الصحراء المغربية,
لكن في نفس الوقت، استدرك بلوان بالقول:ا”لمملكة ملتزمة باستئناف العلاقات مع إسرائيل والدفع قدما بتطوير الاتفاق الثلاثي الموقع في دجنبر من 2020، كما تتطلع المملكة إلى تحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط والذي ستلعب فيه دورًا أساسيًا، لكن أعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي لا يلبي هذه التطلعات المغربية لثلاثة أسباب رئيسية”.
أولها، بحسب الباحث في العلاقات الدولية، إمعان رئيس الوزراء الحالي في سياسة القتل الجماعي للشعب الفلسطيني التي تجاوزت جميع الخطوط الحمراء وتبني رئيس الوزراء الحالي لسياسة ابتزاز المملكة المغربية في أكثر من مناسبة (حادث الخريطة) بفعل وقوف المغرب القوي والمبدئي مع القضية الفلسطينية.
وبالنسبة للسبب الثالث، أشار إلى أن رئيس الوزراء الحالي أصبح مطلوبًا للجنائية الدولية كمجرم حرب وهذا سيشكل عبئًا على الاتفاق الثلاثي المغربي الأمريكي والإسرائيلي، “لذلك فوقف الحرب وتغيير القيادة الإسرائيلية وتحقيق عدالة القضية مداخل أساسية لتطور العلاقات المغربية الإسرائيلية في عهد ترامب أو غيره من الرؤساء”.